للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

هَل لِلتَّنْفِيل حَدٌّ أَعْلَى؟ .

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلتَّنْفِيل حَدٌّ أَعْلَى، فَلِلإِْمَامِ أَنْ يُنَفِّل السَّرِيَّةَ كُل مَا تَغْنَمُهُ، أَوْ بِقَدْرٍ مِنْهُ، كَأَنْ يَقُول: مَا أَصَبْتُمْ فَهُوَ لَكُمْ أَوْ لَكُمْ ثُلُثُهُ أَوْ رُبُعُهُ بَعْدَ الْخُمُسِ، أَوْ قَبْلَهُ، وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَيْسَ لِلإِْمَامِ أَنْ يَقُول ذَلِكَ لِلْعَسْكَرِ كُلِّهِ، وَقَال ابْنُ الْهُمَامِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: لاَ يَجُوزُ أَنْ يَقُول ذَلِكَ لِلسَّرِيَّةِ أَيْضًا (١) .

وَلَيْسَ لِلتَّنْفِيل حَدٌّ أَعْلَى عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بَل هُوَ مَوْكُولٌ بِاجْتِهَادِ الإِْمَامِ وَتَقْدِيرِهِ حَسَبَ قِيمَةِ الْعَمَل وَخَطَرِهِ، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُنَفِّل الرُّبُعَ بَعْدَ الْخُمُسِ وَالثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ إذَا نَفَّل (٢) .

وَهَذَا يَدُل عَلَى أَنَّهُ مَوْكُولٌ لاِجْتِهَادِ الإِْمَامِ (٣) .

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لاَ يَجُوزُ تَنْفِيل أَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ؛ لأَِنَّ نَفْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَمْ يَتَجَاوَزِ الثُّلُثَ (٤) .


(١) حاشية ابن عابدين ٣ / ٢٤٠، والقليوبي ٣ / ١٩٣.
(٢) حديث حبيب بن مسلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينفل الربع بعد الخمس إذا نفل، أخرجه أبو داود (٣ / ١٨٢ - تحقيق عزت عبيد دعاس) وإسناده صحيح.
(٣) نهاية المحتاج ٦ / ١٤٦، ومغني المحتاج ٣ / ١٠٢، والقليوبي ٣ / ١٩٣.
(٤) المغني ٨ / ٣٨٠.