للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُضَمِّنُ الأَْجِيرَ الْمُشْتَرَكَ احْتِيَاطًا لأَِمْوَال النَّاسِ، وَهُوَ الْمَعْنَى فِي الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ أَنَّ هَؤُلاَءِ الأُْجَرَاءَ الَّذِينَ يُسَلَّمُ الْمَال إِلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ شُهُودٍ تُخَافُ الْخِيَانَةُ مِنْهُمْ، فَلَوْ عَلِمُوا أَنَّهُمْ لاَ يَضْمَنُونَ لَهَلَكَتْ أَمْوَال النَّاسِ لأَِنَّهُمْ لاَ يَعْجِزُونَ عَنْ دَعْوَى الْهَلاَكِ، وَهَذَا الْمَعْنَى لاَ يُوجَدُ فِي الْحَرِيقِ الْغَالِبِ، وَالْغَرَقِ الْغَالِبِ، وَالسَّرَقِ الْغَالِبِ.

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِفِعْلِهِ وَلَوْ بِخَطَئِهِ، كَتَخْرِيقِ الْقَصَّارِ الثَّوْبَ، وَغَلَطِهِ كَأَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى غَيْرِ رَبِّهِ، وَأَمَّا مَا تَلِفَ مِنْ حِرْزِهِ بِنَحْوِ سَرِقَةٍ أَوْ تَلَفٍ بِغَيْرِ فِعْلِهِ إِذَا لَمْ يُفَرِّطْ فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ، لأَِنَّ الْعَيْنَ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ، أَشْبَهَ بِالْمُودَعِ.

وَشَرَطَ الْمَالِكِيَّةُ لِتَضْمِينِهِ شَرْطَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَغِيبَ الأَْجِيرُ الْمُشْتَرَكُ عَلَى السِّلْعَةِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَصْنَعَهَا بِغَيْرِ حُضُورِ رَبِّهَا وَبِغَيْرِ بَيْتِهِ، وَأَمَّا إِنْ صَنَعَهَا بِبَيْتِهِ وَلَوْ بِغَيْرِ حُضُورِ رَبِّهَا، أَوْ صَنَعَهَا بِحُضُورِهِ لَمْ يَضْمَنْ مَا نَشَأَ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ كَسَرِقَةٍ، أَوْ تَلِفَ بِنَارٍ مَثَلاً بِلاَ تَفْرِيطٍ.

وَثَانِيهِمَا: أَنْ يَكُونَ الْمَصْنُوعُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ كَثَوْبٍ وَنَحْوِهِ (١) .


(١) بدائع الصنائع ٤ / ٢١٠ وما بعدها، وحاشية الدسوقي ٤ / ٢٤، ٢٨، مغني المحتاج ٢ / ٣٥١ وما بعدها، وكشاف القناع ٤ / ١٥، ١٨، ٣٣، ٣٤.