أَمَّا مَا عَدَا الْمَكِيل وَالْمَوْزُونَ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي الْفَسْخِ، وَإِنَّمَا يَتْبَعُ الْمُتْلِفَ بِالضَّمَانِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ أَرْشَ مَا جَنَى الأَْجْنَبِيُّ لِلْبَائِعِ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِغَيْرِهِ، وَإِذَا أَخَذَ الْبَائِعُ أَرْشَ الْجِنَايَةِ فَالْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ بِالْخِيَارِ، إِمَّا أَنْ يَأْخُذَ الْمَبِيعَ مَعِيبًا مَجَّانًا، وَإِمَّا أَنْ يَرُدَّ وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ (١) .
١٧ - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ تَلَفَ كُل الْمَبِيعِ بَعْدَ الْقَبْضِ لاَ يُفْسَخُ بِهِ الْبَيْعُ، وَالْهَلاَكُ يَكُونُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ، لأَِنَّ الْبَيْعَ تَقَرَّرَ بِقَبْضِ الْمَبِيعِ فَتَقَرَّرَ الثَّمَنُ - هَذَا مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ - سَوَاءٌ أَكَانَ التَّلَفُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَمْ بِفِعْل الْمَبِيعِ أَمْ بِفِعْل الْمُشْتَرِي، وَإِذَا كَانَ التَّلَفُ بِفِعْل أَجْنَبِيٍّ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الأَْجْنَبِيِّ بِضَمَانِهِ.
وَفَصَّل الْحَنَفِيَّةُ فَقَالُوا: إِذَا تَلِفَ بِفِعْل الْبَائِعِ فَيُنْظَرُ إِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَهُ بِإِذْنِ الْبَائِعِ أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ. فَإِنْ كَانَ قَبَضَهُ بِإِذْنِهِ فَاسْتِهْلاَكُهُ وَاسْتِهْلاَكُ الأَْجْنَبِيِّ سَوَاءٌ. وَإِنْ كَانَ قَبَضَهُ بِغَيْرِ إِذْنِ الْبَائِعِ صَارَ الْبَائِعُ بِالاِسْتِهْلاَكِ مُسْتَرِدًّا لِلْمَبِيعِ، فَحَصَل الاِسْتِهْلاَكُ فِي ضَمَانِهِ،
(١) بدائع الصنائع ٥ / ٢٤١، ابن عابدين ٤ / ٤٦، وحاشية الدسوقي ٣ / ١٠٤، وحواشي التحفة ٤ / ٤٠٠، ومغني المحتاج ٢ / ٦٨، والمغني ٤ / ١٢٤.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute