تَارِكُ الْمَنْدُوبِ أَوْ فَاعِل الْمَكْرُوهِ عَاصِيًا؛ لأَِنَّ الْعِصْيَانَ اسْمُ ذَمٍّ، وَالذَّمُّ أُسْقِطَ عَنْهُمَا، وَلَكِنَّهُمْ يَعْتَبِرُونَ مَنْ يَتْرُكُ الْمَنْدُوبَ أَوْ يَأْتِي الْمَكْرُوهَ مُخَالِفًا، وَغَيْرَ مُمْتَثِلٍ.
وَعِنْدَ آخَرِينَ: الْمَنْدُوبُ غَيْرُ دَاخِلٍ تَحْتَ الأَْمْرِ، وَالْمَكْرُوهُ غَيْرُ دَاخِلٍ تَحْتَ النَّهْيِ، فَيَكُونُ الْمَنْدُوبُ مُرَغَّبًا فِي فِعْلِهِ، وَالْمَكْرُوهُ مُرَغَّبًا عَنْهُ. وَعِنْدَهُمْ لاَ يُعْتَبَرُ تَارِكُ الْمَنْدُوبِ وَفَاعِل الْمَكْرُوهِ عَاصِيًا. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَعْزِيرِ تَارِكِ الْمَنْدُوبِ، وَفَاعِل الْمَكْرُوهِ، فَفَرِيقٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِهِ؛ لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ، وَلاَ تَعْزِيرَ بِغَيْرِ تَكْلِيفٍ. وَفَرِيقٌ أَجَازَهُ، اسْتِنَادًا عَلَى فِعْل عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَدْ عَزَّرَ رَجُلاً أَضْجَعَ شَاةً لِذَبْحِهَا، وَأَخَذَ يُحِدُّ شَفْرَتَهُ وَهِيَ عَلَى هَذَا الْوَضْعِ، وَهَذَا الْفِعْل لَيْسَ إِلاَّ مَكْرُوهًا، وَيَأْخُذُ هَذَا الْحُكْمَ مَنْ يَتْرُكُ الْمَنْدُوبَ.
وَقَال الْقَلْيُوبِيُّ: قَدْ يُشْرَعُ التَّعْزِيرُ وَلاَ مَعْصِيَةَ، كَتَأْدِيبِ طِفْلٍ، وَكَافِرٍ، وَكَمَنْ يَكْتَسِبُ بِآلَةِ لَهْوٍ لاَ مَعْصِيَةَ فِيهَا (١) .
(١) معين الحكام / ١٨٩، وفتح القدير ٤ / ١١٧، وتبصرة الحكام ٢ / ٣٦٦ - ٣٦٧، ومواهب الجليل ٦ / ٣٢٠، ونهاية المحتاج ٧ / ١٧٣ - ١٧٤، والأحكام السلطانية للماوردي / ٢١٠، وكشاف القناع ٤ / ٧٥، والسياسة الشرعية لابن تيمية / ٥٥، والأحكام السلطانية لأبي يعلى / ٢٤٤، والمستصفى للغزالي ١ / ٧٥ - ٧٦، والإحكام في أصول الأحكام للآمدي ١ / ١٦٠، والقليوبي ٤ / ٢٠٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute