وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ. قَال الْحَنَفِيَّةُ: لاَ يَجْرِي الْقِيَاسُ فِي الْحُدُودِ وَالْكَفَّارَاتِ؛ لأَِنَّ الْحُدُودَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى تَقْدِيرَاتٍ لاَ تُعْرَفُ، كَعَدَدِ الْمِائَةِ فِي حَدِّ الزِّنَى، وَالثَّمَانِينَ فِي الْقَذْفِ، فَإِِنَّ الْعَقْل لاَ يُدْرِكُ الْحِكْمَةَ فِي اعْتِبَارِ خُصُوصِ هَذَا الْعَدَدِ، قَالُوا: وَمَا كَانَ يُعْقَل مِنْهَا - أَيْ مِنْ أَحْكَامِ الْحُدُودِ - فَإِِنَّ الشُّبْهَةَ فِي الْقِيَاسِ لاِحْتِمَالِهِ الْخَطَأَ تُوجِبُ عَدَمَ إِثْبَاتِهِ بِالْقِيَاسِ، وَهَذَا كَقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ لِكَوْنِهَا جَنَتْ بِالسَّرِقَةِ فَقُطِعَتْ. وَهَكَذَا اخْتِلاَفُ تَقْدِيرَاتِ الْكَفَّارَاتِ، فَإِِنَّهُ لاَ يُعْقَل كَمَا لاَ تُعْقَل أَعْدَادُ الرَّكَعَاتِ.
وَأَجَازَ غَيْرُ الْحَنَفِيَّةِ الْقِيَاسَ فِي الْحُدُودِ وَالْكَفَّارَاتِ، لَكِنْ فِيمَا يُعْقَل مَعْنَاهُ مِنْ أَحْكَامِهَا لاَ فِيمَا لاَ يُعْقَل مِنْهَا، كَمَا فِي غَيْرِ الْحُدُودِ وَالْكَفَّارَاتِ. (١)
ب - قَال الشَّاطِبِيُّ: إِنَّ التَّعَبُّدِيَّاتِ مَا كَانَ مِنْهَا مِنَ الْعِبَادَاتِ فَلاَ بُدَّ فِيهِ مِنْ نِيَّةٍ كَالطَّهَارَةِ، وَالصَّلاَةِ، وَالصَّوْمِ. وَمَنْ لَمْ يَشْتَرِطِ النِّيَّةَ فِي بَعْضِهَا فَإِِنَّهُ يَبْنِي عَلَى كَوْنِ ذَلِكَ الْبَعْضِ مَعْقُول الْمَعْنَى، فَحُكْمُهُ كَمَا لَوْ كَانَ مِنْ أُمُورِ الْعَادَاتِ. أَمَّا صَوْمُ رَمَضَانَ وَالنَّذْرُ الْمُعَيَّنُ، فَلَمْ يَشْتَرِطِ الْحَنَفِيَّةُ لَهُمَا تَبْيِيتَ النِّيَّةِ وَلاَ التَّعْيِينَ، وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ: أَنَّهُ لَوْ نَوَى غَيْرَهُمَا فِي وَقْتِهِمَا انْصَرَفَ إِلَيْهِمَا، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكَفَّ عَنِ الْمُفْطِرَاتِ قَدِ
(١) الموافقات ٢ / ٣٢٩.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute