للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَقْصُودَ الشَّرْعِيَّ الأَْوَّل التَّعَبُّدُ لِلَّهِ بِذَلِكَ الْمَحْدُودِ، وَأَنَّ غَيْرَهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ شَرْعًا.

وَمِنْهَا: أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَقْصُودُ التَّوْسِعَةَ فِي التَّعَبُّدِ بِمَا حُدَّ وَمَا لَمْ يُحَدَّ، لَنَصَبَ الشَّارِعُ عَلَيْهِ دَلِيلاً وَاضِحًا، وَلَمَّا لَمْ نَجِدْ ذَلِكَ كَذَلِكَ - بَل عَلَى خِلاَفِهِ - دَل عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ الْوُقُوفُ عِنْدَ ذَلِكَ الْمَحْدُودِ، إِلاَّ أَنْ يَتَبَيَّنَ بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ مَعْنًى مُرَادٌ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، فَلاَ لَوْمَ عَلَى مَنِ اتَّبَعَهُ. لَكِنَّ ذَلِكَ قَلِيلٌ، فَلَيْسَ بِأَصْلٍ، وَإِِنَّمَا الأَْصْل مَا عَمَّ فِي الْبَابِ وَغَلَبَ عَلَى الْمَوْضِعِ.

١٨ - ثُمَّ قَال الشَّاطِبِيُّ: وَأَمَّا إِنَّ الأَْصْل فِي الْعَادَاتِ الاِلْتِفَاتُ إِِلَى الْمَعَانِي فَلأُِمُورٍ:

الأَْوَّل: الاِسْتِقْرَاءُ، فَنَرَى الشَّيْءَ الْوَاحِدَ يُمْنَعُ فِي حَالٍ لاَ تَكُونُ فِيهِ مَصْلَحَةٌ، فَإِِذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ جَازَ كَالدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمِ إِِلَى أَجَلٍ: تَمْتَنِعُ فِي الْمُبَايَعَةِ، وَيَجُوزُ فِي الْقَرْضِ. وَكَبَيْعِ الرُّطَبِ مِنْ جِنْسٍ بِيَابِسِهِ. يَمْتَنِعُ حَيْثُ يَكُونُ مُجَرَّدَ غَرَرٍ وَرِبًا مِنْ غَيْرِ مَصْلَحَةٍ، وَيَجُوزُ إِِذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ (كَمَا فِي تَمْرِ الْعَرَايَا أُبِيحَ بَيْعُهُ بِالتَّمْرِ تَوْسِعَةً عَلَى النَّاسِ) ، وَلِتَعْلِيل النُّصُوصِ أَحْكَامُ الْعَادَاتِ بِالْمَصْلَحَةِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} (١) وَفِي آيَةِ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ


(١) سورة البقرة / ١٧٩.