يَقُول: رَأَيْتُهُ يَفْعَل كَذَا، وَالْمُعَدِّل مُسْتَنَدُهُ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ يَفْعَل، وَيُمْكِنُ صِدْقُهُمَا، وَالْجَمْعُ بَيْنَ قَوْلَيْهِمَا: بِأَنْ يَرَاهُ الْجَارِحُ يَفْعَل الْمَعْصِيَةَ، وَلاَ يَرَاهُ الْمُعَدِّل، فَيَكُونُ مَجْرُوحًا. وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: أَنَّهُ لاَ بُدَّ فِي الْجَرْحِ مِنْ ذِكْرِ السَّبَبِ، وَلَمْ يَشْتَرِطُوا ذَلِكَ فِي التَّعْدِيل. وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّ الْمُزَكِّيَ يَقُول فِي الشَّاهِدِ الْمَجْرُوحِ " وَاللَّهُ أَعْلَمُ " وَلاَ يَزِيدُ عَلَى هَذَا؛ لأَِنَّ فِي ذِكْرِ فِسْقِهِ هَتْكَ عِرْضِهِ، وَقَدْ أُمِرْنَا بِالسَّتْرِ عَلَى الْمُسْلِمِ. وَهَذَا كُلُّهُ إِِذَا لَمْ يَعْلَمِ الْقَاضِي حَال الشُّهُودِ، إِذْ إِنَّهُ إِِذَا كَانَ يَعْلَمُ حَكَمَ بِمُقْتَضَى عِلْمِهِ (١) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لَوْ عَدَّلَهُ شَاهِدَانِ رَجُلاَنِ وَجَرَّحَهُ آخَرَانِ، فَفِي ذَلِكَ قَوْلاَنِ، قِيل: يُقْضَى بِأَعْدَلِهِمَا، لاِسْتِحَالَةِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، وَقِيل: يُقْضَى بِشَهَادَةِ الْجَرْحِ، لأَِنَّ شُهُودَ الْجَرْحِ زَادُوا عَلَى شُهُودِ التَّعْدِيل، إِذِ الْجَرْحُ يَبْطُنُ، فَلاَ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ كُل النَّاسِ، بِخِلاَفِ الْعَدَالَةِ.
وَلِلَّخْمِيِّ تَفْصِيلٌ، قَال: إِنْ كَانَ اخْتِلاَفُ الْبَيِّنَتَيْنِ فِي فِعْل شَيْءٍ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، كَدَعْوَى إِحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ: أَنَّهُ فَعَل كَذَا، فِي وَقْتِ كَذَا، وَقَالَتِ الْبَيِّنَةُ الأُْخْرَى: لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ، فَإِِنَّهُ يُقْضَى بِأَعْدَلِهِمَا. وَإِِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسَيْنِ مُتَقَارِبَيْنِ قُضِيَ بِشَهَادَةِ الْجَرْحِ؛ لأَِنَّهَا زَادَتْ عِلْمًا فِي الْبَاطِنِ.
(١) معين الحكام ١٠٥، وقليوبي وعميرة ٤ / ٣٠٧، والمغني ٩ / ٦٧.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute