وَلأَِنَّ الْعَدَالَةَ أَمْرٌ خَفِيٌّ سَبَبُهَا الْخَوْفُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَدَلِيل ذَلِكَ الإِْسْلاَمُ، فَإِذَا وُجِدَ فَلْيُكْتَفَ بِهِ، مَا لَمْ يَقُمْ عَلَى خِلاَفِهِ دَلِيلٌ.
وَاسْتُدِل لأَِبِي حَنِيفَةَ فِي اسْتِثْنَاءِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ وَلُزُومِ التَّحَرِّي فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَطْعَنِ الْخَصْمُ: بِأَنَّ الْحُدُودَ وَالْقِصَاصَ مِمَّا يُحْتَاطُ فِيهَا وَتَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ بِخِلاَفِ غَيْرِهَا.
وَاسْتَدَل الْقَائِلُونَ بِوُجُوبِ التَّزْكِيَةِ فِي كُل الأُْمُورِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} (١) وَلاَ يُعْلَمُ أَنَّهُ مَرْضِيٌّ حَتَّى نَعْرِفَهُ.
وَبِأَنَّ الْعَدَالَةَ شَرْطٌ، فَوَجَبَ الْعِلْمُ بِهَا كَالإِْسْلاَمِ، كَمَا لَوْ طَعَنَ الْخَصْمُ فِي الشُّهُودِ.
أَمَّا الأَْعْرَابِيُّ الْمُسْلِمُ، فَإِنَّهُ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُمْ بِثَنَاءِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ مَنْ تَرَكَ دِينَهُ فِي زَمَنِ رَسُول اللَّهِ إِيثَارًا لِدِينِ الإِْسْلاَمِ وَصُحْبَةِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ. وَلِلأَْثَرِ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ أُتِيَ بِشَاهِدَيْنِ، فَقَال لَهُمَا عُمَرُ: لَسْتُ أَعْرِفُكُمَا وَلاَ يَضُرُّكُمَا إِنْ لَمْ أَعْرِفْكُمَا، جِيئَا بِمَنْ يَعْرِفُكُمَا، فَأَتَيَا بِرَجُلٍ، فَقَال لَهُ عُمَرُ: تَعْرِفُهُمَا؟ فَقَال: نَعَمْ. فَقَال عُمَرُ: صَحِبْتُهُمَا فِي السَّفَرِ الَّذِي يَتَبَيَّنُ فِيهِ جَوَاهِرُ النَّاسِ؟ قَال: لاَ
(١) سورة البقرة / ٢٨٢.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute