للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَصِل إِلَيْهِ مِنْ فَوْرِهِ، لِيَصِل بِهِ إِلَى مَقْصُودِهِ، وَقَدْ رُوِيَ عَدَمُ جَوَازِ بَيْعِ الْعِينَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ وَابْنِ سِيرِينَ وَالشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ، وَبِهِ قَال الثَّوْرِيُّ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَإِسْحَاقُ وَأَحْمَدُ. وَقَدِ اسْتَدَلُّوا بِأَحَادِيثَ، مِنْهَا: مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: إِذَا ضَنَّ النَّاسُ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَتَبَايَعُوا بِالْعِينَةِ، وَاتَّبَعُوا أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَتَرَكُوا الْجِهَادَ فِي سَبِيل اللَّهِ، أَنْزَل اللَّهُ بِهِمْ بَلاَءً، فَلاَ يَرْفَعُهُ حَتَّى يُرَاجِعُوا دِينَهُمْ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ، وَلَفْظُهُ: إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لاَ يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ. (١)

وَاسْتَدَل ابْنُ الْقَيِّمِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ الْعِينَةِ بِمَا رُوِيَ عَنِ الأَْوْزَاعِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَسْتَحِلُّونَ الرِّبَا بِالْبَيْعِ. قَال: وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ مُرْسَلاً فَإِنَّهُ صَالِحٌ لِلاِعْتِضَادِ بِهِ بِالاِتِّفَاقِ، وَلَهُ مِنَ الْمُسْنَدَاتِ مَا يَشْهَدُ لَهُ، وَهِيَ الأَْحَادِيثُ الدَّالَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ الْعِينَةِ، فَإِنَّهُ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْعِينَةَ عِنْدَ مَنْ يَسْتَعْمِلُهَا إِنَّمَا يُسَمِّيهَا بَيْعًا، وَقَدِ اتَّفَقَا عَلَى حَقِيقَةِ الرِّبَا الصَّرِيحِ قَبْل الْعَقْدِ، ثُمَّ غَيَّرَ اسْمَهَا إِلَى الْمُعَامَلَةِ، وَصُورَتَهَا إِلَى التَّبَايُعِ الَّذِي لاَ قَصْدَ لَهُمَا فِيهِ أَلْبَتَّةَ، وَإِنَّمَا هُوَ حِيلَةٌ وَمَكْرٌ


(١) نيل الأوطار للشوكاني٥ / ٢٠٦، وفيه أن الحديث أخرجه الطبراني وابن القطان وصححه. قال الحافظ في بلوغ المرام: ورجاله ثقات. . (ثم ذكر القدح في الحديث بأنه فيه تدليس أو أنه ضعيف. . أو أنه موقوف. .) . ثم قال: " وهذه الطرق يشد بعضها بعضا ".