للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَتَأْتِي مَرْتَبَةُ الصَّوْمِ بَعْدَ الْعِتْقِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَجُمْهُورِ الْحَنَابِلَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهَا عَلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْعِتْقِ وَالصِّيَامِ وَالإِْطْعَامِ وَبِأَيِّهَا كَفَّرَ أَجْزَأَهُ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاً أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ، فَأَمَرَهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُكَفِّرَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ أَوْ صِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ أَوْ إِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا. (١)

وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ كَفَّارَتُهُ عَلَى التَّخْيِيرِ أَيْضًا، وَلَكِنَّهُمْ فَضَّلُوا الإِْطْعَامَ عَلَى الْعِتْقِ فَجَعَلُوهُ أَوَّلاً، لأَِنَّهُ أَكْثَرُ نَفْعًا لِتَعَدِّيهِ لأَِفْرَادٍ كَثِيرَةٍ، وَفَضَّلُوا الْعِتْقَ عَلَى الصَّوْمِ؛ لأَِنَّ نَفْعَهُ مُتَعَدٍّ لِلْغَيْرِ دُونَ الصَّوْمِ، فَالصَّوْمُ عِنْدَهُمْ فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّالِثَةِ.

وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا أَوْ ذَاكَ، فَإِنَّ صَوْمَ كَفَّارَةِ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ شَهْرَانِ مُتَتَابِعَانِ عِنْدَ الأَْئِمَّةِ الأَْرْبَعَةِ.؛ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ: هَلَكْتُ، قَال: مَا لَكَ؟ قَال: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ. فَقَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَل تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ قَال: لاَ.، قَال: فَهَل تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَال: لاَ، قَال: فَهَل تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَال: لاَ، قَال: فَمَكَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


(١) حديث: " أن رجلا أفطر في رمضان. . " أخرجه مسلم (٢ / ٧٨٣ - ط الحلبي) .