للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصَّحَابَةِ، وَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ مِنْهُمْ شُرَيْحٌ الْقَاضِي، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ. قَال أَبُو عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ: وَأَكْثَرُ التَّابِعِينَ وَالْفُقَهَاءِ عَلَى ذَلِكَ.

وَاسْتَدَلُّوا بِأَحَادِيثَ وَآثَارٍ كَثِيرَةٍ، مِنْهَا مَا رَوَى صَفْوَانُ بْنُ عَسَّالٍ، قَال: أَمَرَنَا - يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَمْسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ إِذَا نَحْنُ أَدْخَلْنَاهُمَا عَلَى طُهْرٍ ثَلاَثَةً إِذَا سَافَرْنَا، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً إِذَا أَقَمْنَا، وَلاَ نَخْلَعَهُمَا مِنْ غَائِطٍ وَلاَ بَوْلٍ وَلاَ نَوْمٍ، وَلاَ نَخْلَعَهُمَا إِلاَّ مِنْ جَنَابَةٍ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ. وَقَال الْخَطَّابِيُّ: هُوَ صَحِيحُ الإِْسْنَادِ، وَعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَْشْجَعِيِّ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَقَال: هُوَ أَجْوَدُ حَدِيثٍ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ؛ لأَِنَّهُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَهِيَ آخِرُ غَزَاةٍ غَزَاهَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ آخِرُ فِعْلِهِ.

وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ (١) أَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ غَيْرُ مُؤَقَّتٍ، وَأَنَّ لاَبِسَ الْخُفَّيْنِ وَهُوَ طَاهِرٌ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا مَا بَدَا لَهُ، وَالْمُسَافِرُ وَالْمُقِيمُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، مَا لَمْ يَنْزِعْهُمَا، أَوْ تُصِبْهُ جَنَابَةٌ. إِلاَّ أَنَّهُ يُنْدَبُ نَزْعُهُ كُل يَوْمِ جُمُعَةٍ، وَيُسْتَحَبُّ كُل أُسْبُوعٍ أَيْضًا، وَقَدِ اسْتَدَل لِهَذَا الرَّأْيِ بِمَا رُوِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ عِمَارَةَ أَنَّهُ قَال لِرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ؟ قَال:


(١) مواهب الجليل للحطاب١ / ٣١٨ - ٣٢٤، والخرشي ١ / ١٧٦ - ١٨٣ الطبعة الأولى، وحاشية الشرح الكبير للدسوقي ١ / ١١٠