للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ رَهْنُ الْمُشَاعِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَكَانَ مُقَارِنًا كَنِصْفِ دَارٍ، أَمْ طَارِئًا: كَأَنْ يَرْهَنَ الْجَمِيعَ ثُمَّ يَتَفَاسَخَا فِي الْبَعْضِ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الطَّارِئَ لاَ يَضُرُّ، وَالصَّحِيحُ الأَْوَّل، وَسَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ شَرِيكِهِ أَمْ غَيْرِهِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ مِمَّا يُقْسَمُ أَمْ لاَ.

فَالأَْصْل عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ رَهْنُ الْمُشَاعِ، فَلاَ يَجُوزُ التَّبْعِيضُ فِيهِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الأَْصْل الصُّوَرُ التَّالِيَةُ:

أ - إِذَا كَانَتْ عَيْنًا بَيْنَهُمَا، رَهَنَاهَا عِنْدَ رَجُلٍ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَهْنًا وَاحِدًا.

ب - إِذَا ثَبَتَ الشُّيُوعُ فِيهِ ضَرُورَةً، كَمَا لَوْ جَاءَ بِثَوْبَيْنِ، وَقَال: خُذْ أَحَدَهُمَا رَهْنًا وَالآْخَرُ بِضَاعَةً عِنْدَكَ، فَإِنَّ نِصْفَ كُلٍّ مِنْهُمَا يَصِيرُ رَهْنًا بِالدَّيْنِ،؛ لأَِنَّ أَحَدَهُمَا لَيْسَ بِأَوْلَى مِنَ الآْخَرِ، فَيَشِيعُ الرَّهْنُ فِيهِمَا بِالضَّرُورَةِ، فَلاَ يَضُرُّ. (١)

٢٨ - أَمَّا حَقُّ الْوَثِيقَةِ فِي الرَّهْنِ وَهُوَ الْحَبْسُ لِلتَّوَثُّقِ، فَلاَ يَتَبَعَّضُ بِأَدَاءِ بَعْضِ الدَّيْنِ؛ لأَِنَّ الدَّيْنَ يَتَعَلَّقُ بِالرَّهْنِ جَمِيعِهِ، فَيَصِيرُ مَحْبُوسًا بِكُل الْحَقِّ، وَبِكُل جُزْءٍ مِنْهُ، لاَ يَنْفَكُّ مِنْهُ شَيْءٌ حَتَّى يَقْضِيَ جَمِيعَ الدَّيْنِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مِمَّا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ أَمْ لاَ يُمْكِنُ.

قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُل مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ رَهَنَ شَيْئًا بِمَالٍ فَأَدَّى


(١) ابن عابدين ٥ / ٣١٥، ٣١٧.