ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَابْنُ الْقَيِّمِ. يَقُول ابْنُ الْقَيِّمِ فِي إِعْلاَمِ الْمُوَقِّعِينَ: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ الْبَيْعِ بِمَا يَنْقَطِعُ بِهِ السِّعْرُ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ الثَّمَنِ وَقْتَ الْعَقْدِ، وَصُورَتُهَا: الْبَيْعُ مِمَّنْ يُعَامِلُهُ مِنْ خَبَّازٍ أَوْ لَحَّامٍ أَوْ سَمَّانٍ أَوْ غَيْرِهِمْ، يَأْخُذُ مِنْهُ كُل يَوْمٍ شَيْئًا مَعْلُومًا، ثُمَّ يُحَاسِبُهُ عَنْ رَأْسِ الشَّهْرِ أَوِ السَّنَةِ عَلَى الْجَمِيعِ، وَيُعْطِيَهُ ثَمَنَهُ. فَمَنَعَهُ الأَْكْثَرُونَ، وَجَعَلُوا الْقَبْضَ فِيهِ غَيْرَ نَاقِلٍ لِلْمِلْكِ، وَهُوَ قَبْضٌ فَاسِدٌ يَجْرِي مَجْرَى الْمَقْبُوضِ بِالْغَصْبِ، لأَِنَّهُ مَقْبُوضٌ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ، هَذَا وَكُلُّهُمْ إِلاَّ مَنْ شَدَّدَ عَلَى نَفْسِهِ يَفْعَل ذَلِكَ، وَلاَ يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا، وَهُوَ يُفْتِي بِبُطْلاَنِهِ، وَأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ، وَلاَ يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْ ذَلِكَ إِلاَّ بِمُسَاوَمَتِهِ لَهُ عِنْدَ كُل حَاجَةٍ يَأْخُذُهَا قَل ثَمَنُهَا أَوْ كَثُرَ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ شَرَطَ الإِْيجَابَ وَالْقَبُول لَفْظًا، فَلاَ بُدَّ مَعَ الْمُسَاوِمَةِ أَنْ يَقْرِنَ بِهَا الإِْيجَابَ وَالْقَبُول لَفْظًا.
١٦ - قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: الْقَوْل الثَّانِي وَهُوَ الصَّوَابُ الْمَقْطُوعُ بِهِ، وَهُوَ عَمَل النَّاسِ فِي كُل عَصْرٍ وَمِصْرٍ: جَوَازُ الْبَيْعِ بِمَا يَنْقَطِعُ بِهِ السِّعْرُ، وَهُوَ مَنْصُوصُ الإِْمَامِ أَحْمَدَ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا (يَعْنِي ابْنَ تَيْمِيَّةَ) وَسَمِعْتُهُ يَقُول: هُوَ أَطْيَبُ لِقَلْبِ الْمُشْتَرِي مِنَ الْمُسَاوَمَةِ، يَقُول لِي: أُسْوَةً بِالنَّاسِ، آخُذُ بِمَا يَأْخُذُ بِهِ غَيْرِي، قَال: وَالَّذِينَ يَمْنَعُونَ ذَلِكَ لاَ يُمْكِنُهُمْ تَرْكُهُ، بَل هُمْ وَاقِعُونَ فِيهِ، وَلَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَلاَ سُنَّةِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلاَ إِجْمَاعِ الأَْمَةِ وَلاَ قَوْل صَاحِبٍ وَلاَ قِيَاسٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute