لَكِنْ يَنْبَغِي التَّنَبُّهُ إِلَى أَنَّ الْحَلِفَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ الْمُطْلَقَةِ عَنِ التَّوْقِيتِ يَلْزَمُهُ فِيهَا الْعَزْمُ عَلَى الْحِنْثِ؛ لأَِنَّ الْحِنْثَ فِيهَا إِنَّمَا يَكُونُ بِالْمَوْتِ وَنَحْوِهِ.
وَالْيَمِينُ عَلَى فِعْل مَا فِعْلُهُ أَوْلَى أَوْ عَلَى تَرْكِ مَا تَرْكُهُ أَوْلَى - كَوَاللَّهِ لأَُصَلِيَنَّ سُنَّةَ الصُّبْحِ أَوْ لاَ أَلْتَفِتُ فِي الصَّلاَةِ - يُطْلَبُ الْبِرُّ فِيهَا وَهُوَ أَوْلَى مِنَ الْحِنْثِ.
هَكَذَا عَبَّرَ الْحَنَفِيَّةُ الْقُدَامَى بِالأَْوْلَوِيَّةِ، وَبَحَثَ الْكَمَال بْنُ الْهُمَامِ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ قَوْله تَعَالَى: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} (١) يَدُل عَلَى وُجُوبِ الْبِرِّ وَعَدَمِ جَوَازِ الْحِنْثِ، وَرَجَّحَ ذَلِكَ ابْنُ عَابِدِينَ وَغَيْرُهُ. وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: يُسَنُّ الْبِرُّ وَيُكْرَهُ الْحِنْثُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.
وَالْيَمِينُ عَلَى تَرْكِ مَا فِعْلُهُ أَوْلَى، أَوْ فِعْل مَا تَرْكُهُ أَوْلَى - كَوَاللَّهِ لاَ أُصَلِّي سُنَّةَ الصُّبْحِ أَوْ لأََلْتَفِتَنَّ فِي الصَّلاَةِ - يُطْلَبُ الْحِنْثُ فِيهَا وَهُوَ أَوْلَى مِنَ الْبِرِّ. هَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: يُسَنُّ الْحِنْثُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَيُكْرَهُ الْبِرُّ.
وَالْيَمِينُ عَلَى فِعْل مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ أَوْ عَلَى تَرْكِهِ - كَوَاللَّهِ لأََتَغَدَّيَنَّ هَذَا الْيَوْمَ أَوْ لاَ أَتَغَدَّى هَذَا الْيَوْمَ - يُطْلَبُ الْبِرُّ فِيهَا، وَهُوَ أَوْلَى مِنَ الْحِنْثِ. هَكَذَا قَال الْحَنَفِيَّةُ الْقُدَامَى، وَمُقْتَضَى بَحْثِ الْكَمَال وُجُوبُ الْبِرِّ وَعَدَمُ جَوَازِ الْحِنْثِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: الْبِرُّ أَفْضَل، مَا لَمْ يَتَأَذَّ بِذَلِكَ صَدِيقُهُ، كَمَنْ حَلَفَ لاَ يَأْكُل كَذَا، وَكَانَ صَدِيقُهُ يَتَأَذَّى مِنْ تَرْكِ أَكْلِهِ إِيَّاهُ، فَيَنْعَكِسُ الْحُكْمُ وَيَكُونُ الْحِنْثُ أَفْضَل.
(١) سورة المائدة / ٧٩.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute