الْحَقِيقِيِّ فِي صِحَّةِ الْفَيْءِ بِالْقَوْل بَدَلاً مِنَ الْفَيْءِ بِالْفِعْل.
وَحُجَّةُ الْقَائِلِينَ بِعَدَمِ الاِنْتِقَال: أَنَّ الزَّوْجَ قَادِرٌ عَلَى الْجِمَاعِ حَقِيقَةً، وَالاِمْتِنَاعُ عَنْهُ إِنَّمَا جَاءَ بِسَبَبٍ مِنْهُ، فَلاَ يُسْقِطُ حَقًّا وَاجِبًا عَلَيْهِ. وَأَيْضًا: فَإِنَّ الزَّوْجَ هُوَ الْمُتَسَبِّبُ بِاخْتِيَارِهِ فِيمَا لَزِمَهُ بِطَرِيقٍ مَحْظُورٍ فَلاَ يَسْتَحِقُّ التَّخْفِيفَ (١) .
الشَّرِيطَةُ الثَّانِيَةُ: دَوَامُ الْعَجْزِ عَنِ الْجِمَاعِ إِلَى أَنْ تَمْضِيَ مُدَّةُ الإِْيلاَءِ، فَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَاجِزًا عَنِ الْجِمَاعِ فِي مَبْدَأِ الأَْمْرِ، ثُمَّ قَدَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُدَّةِ بَطَل الْفَيْءُ بِالْقَوْل، وَانْتَقَل إِلَى الْفَيْءِ بِالْجِمَاعِ، حَتَّى لَوْ تَرَكَ الزَّوْجَةَ وَلَمْ يَقْرَبْهَا إِلَى أَنْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ بَانَتْ مِنْهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. وَذَلِكَ لِمَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الْفَيْءَ بِاللِّسَانِ بَدَلٌ عَنِ الْفَيْءِ بِالْجِمَاعِ، وَمَنْ قَدَرَ عَلَى الأَْصْل قَبْل حُصُول الْمَقْصُودِ بِالْبَدَل بَطَل حُكْمُ الْبَدَل، كَالْمُتَيَمِّمِ إِذَا قَدَرَ عَلَى الْمَاءِ قَبْل أَدَاءِ الصَّلاَةِ.
وَإِذَا آلَى الرَّجُل مِنْ زَوْجَتِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ، ثُمَّ مَرِضَ، فَإِنْ مَضَتْ عَلَيْهِ مُدَّةٌ وَهُوَ صَحِيحٌ يُمْكِنُهُ الْجِمَاعُ فِيهَا، فَلاَ يَصِحُّ فَيْؤُهُ بِالْقَوْل؛ لأَِنَّهُ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْجِمَاعِ مُدَّةَ الصِّحَّةِ، فَإِذَا لَمْ يُجَامِعْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ يَكُونُ قَدْ فَرَّطَ فِي إِيفَاءِ حَقِّ زَوْجَتِهِ، فَلاَ يُعْذَرُ بِالْمَرَضِ الْحَادِثِ. أَمَّا إِذَا لَمْ تَكُنْ مَضَتْ عَلَيْهِ مُدَّةٌ - وَهُوَ صَحِيحٌ يُمْكِنُهُ الْجِمَاعُ فِيهَا - فَإِنَّ فَيْئَهُ بِالْقَوْل يَكُونُ صَحِيحًا؛ لأَِنَّهُ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْجِمَاعِ فِي مُدَّةِ الصِّحَّةِ لِقِصَرِهَا، لَمْ يَكُنْ مُفَرِّطًا فِي تَرْكِ الْجِمَاعِ، فَكَانَ مَعْذُورًا.
(١) فتح القدير ٣ / ١٦٩، والمغني ٧ / ٣٢٨.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute