قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُل مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْفَيْءَ الْجِمَاعُ، وَلاَ يَكُونُ مَا دُونَ الْجِمَاعِ فَيْئًا.
وَيَنْبَنِي عَلَى الْفَيْءِ بِالْفِعْل انْحِلاَل الإِْيلاَءِ، وَلُزُومُ مُقْتَضَى الْيَمِينِ؛ لأَِنَّهُ بِالْجِمَاعِ يَتَحَقَّقُ الْحِنْثُ، وَالْيَمِينُ لاَ يَبْقَى بَعْدَ الْحِنْثِ، إِذِ الْحِنْثُ يَقْتَضِي نَقْضَ الْيَمِينِ، وَالشَّيْءُ لاَ يَبْقَى مَعَ وُجُودِ مَا يَنْقُضُهُ (١) .
٢٢ - فَإِنْ كَانَتِ الْيَمِينُ قَسَمًا بِاللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ الَّتِي يَحْلِفُ بِهَا، كَعِزَّةِ اللَّهِ وَعَظَمَتِهِ وَجَلاَلِهِ وَكِبْرِيَائِهِ، لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فِي قَوْل أَكْثَرِ أَهْل الْعِلْمِ، وَعِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ لاَ تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ.
وَإِنْ كَانَتِ الْيَمِينُ بِتَعْلِيقِ شَيْءٍ عَلَى قُرْبَانِ الزَّوْجَةِ لَزِمَهُ مَا الْتَزَمَهُ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَى الْقُرْبَانِ طَلاَقًا أَوْ عِتْقًا وَقَعَ الطَّلاَقُ وَالْعِتْقُ وَقْتَ حُصُول الْفَيْءِ؛ لأَِنَّ الطَّلاَقَ وَالْعِتْقَ مَتَى عُلِّقَ حُصُولُهُ عَلَى حُصُول أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَل، وَوُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ، وَقَعَ الطَّلاَقُ وَثَبَتَ الْعِتْقُ بِمُجَرَّدِ وُجُودِهِ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْفُقَهَاءِ.
وَإِنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَى الْقُرْبَانِ صَلاَةً أَوْ صِيَامًا أَوْ حَجًّا أَوْ صَدَقَةً، فَإِمَّا أَنْ يُعَيِّنَ لأَِدَائِهِ وَقْتًا أَوْ لاَ يُعَيِّنَ.
فَإِنْ عَيَّنَ لِلأَْدَاءِ وَقْتًا كَأَنْ يَقُول: إِنْ قَرُبْتُ زَوْجَتِي مُدَّةَ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ فَعَلَيَّ صَلاَةُ مِائَةِ رَكْعَةٍ فِي يَوْمِ كَذَا (مَثَلاً) لَزِمَتْهُ الصَّلاَةُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي عَيَّنَهُ. وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لِلأَْدَاءِ وَقْتًا وَجَبَ عَلَيْهِ فِعْل مَا الْتَزَمَهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ، وَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ فِي التَّأْخِيرِ، وَإِنْ كَانَ الأَْفْضَل الأَْدَاءَ فِي أَوَّل وَقْتٍ يُمْكِنُهُ الأَْدَاءُ فِيهِ خَوْفًا مِنَ انْتِهَاءِ الأَْجَل قَبْل أَنْ يُؤَدِّيَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ.
(١) البدائع ٣ / ١٧٣، ١٧٨، والمغني لابن قدامة ٧ / ٣٢٤.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute