للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذَّنْبِ الَّذِي ارْتَكَبُوهُ، وَالَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الإِْضْرَارُ بِزَوْجَاتِهِمْ وَإِيقَاعُ الأَْذَى بِهِنَّ، وَاللَّهُ يَغْفِرُهُ لَهُمْ بِالْكَفَّارَةِ عَنْهُ، وَإِنْ أَصَرُّوا عَلَى تَنْفِيذِ يَمِينِهِمْ وَهَجْرِ زَوْجَاتِهِمْ، فَلَمْ يَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى انْقَضَتِ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ، وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ إِصْرَارًا مِنْهُمْ عَلَى الطَّلاَقِ، فَيَكُونُ إِيلاَؤُهُمْ طَلاَقًا، فَتَطْلُقُ مِنْهُمْ زَوْجَاتُهُمْ بِمُجَرَّدِ انْقِضَاءِ هَذِهِ الْمُدَّةِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى تَطْلِيقٍ مِنْهُمْ أَوْ مِنَ الْقَاضِي، جَزَاءً لَهُمْ عَلَى ضَرَرِ زَوْجَاتِهِمْ.

وَمَعْنَى الآْيَةِ عَلَى رَأْيِ الْجُمْهُورِ: أَنَّ الأَْزْوَاجَ الَّذِينَ يَحْلِفُونَ عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِ زَوْجَاتِهِمْ يُمْهَلُونَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ فَاءُوا وَرَجَعُوا عَمَّا مَنَعُوا أَنْفُسَهُمْ مِنْهُ بَعْدَ مُضِيِّ هَذِهِ الْمُدَّةِ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ لِمَا حَدَثَ مِنْهُمْ مِنَ الْيَمِينِ وَالْعَزْمِ عَلَى ذَلِكَ الضَّرَرِ، وَإِنْ عَزَمُوا عَلَى الطَّلاَقِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ لِمَا يَقَعُ مِنْهُمْ مِنَ الطَّلاَقِ، عَلِيمٌ بِمَا يَصْدُرُ عَنْهُمْ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، فَيُجَازِيهِمْ عَلَيْهِ. وَمِمَّا اسْتَدَل بِهِ لِمَذْهَبِ الْجُمْهُورِ مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ سُهَيْل بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ قَال: سَأَلْتُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَجُلٍ يُولِي مِنِ امْرَأَتِهِ قَالُوا: لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ حَتَّى تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، فَيُوقَفُ، فَإِنْ فَاءَ وَإِلاَّ طَلَّقَ (١) .


(١) منتقى الأخبار مع شرح نيل الأوطار ٦ / ٢٧٢، الطبعة الثالثة (١٣٨٠ هـ) - (١٩٦١) مصطفى البابي الحلبي. وحديث أبي صالح: " سألت اثني عشر رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. . . ". أخرجه الدارقطني (٤ / ٦١ - ط دار المحاسن) وإسناده صحيح. (فتح الباري ٩ / ٤٢٩ - ط السلفية) .