عُمُومًا وَخُصُوصًا، فَإِنْ كَانَ الإِْيصَاءُ خَاصًّا بِشَيْءٍ، كَقَضَاءِ الدُّيُونِ أَوِ اقْتِضَائِهَا، أَوْ رَدِّ الْوَدَائِعِ أَوِ اسْتِرْدَادِهَا، أَوِ النَّظَرِ فِي أَمْرِ الأَْطْفَال وَمَنْ فِي حُكْمِهِمْ، كَانَتْ سُلْطَةُ الْوَصِيِّ مَقْصُورَةً عَلَى مَا أُوصِيَ إِلَيْهِ فِيهِ، لاَ تَتَعَدَّاهُ إِلَى غَيْرِهِ. وَإِنْ كَانَ الإِْيصَاءُ عَامًّا، كَأَنْ قَال الْمُوصِي: أَوْصَيْتُ إِلَى فُلاَنٍ فِي كُل أُمُورِي، كَانَتْ سُلْطَةُ الْوَصِيِّ شَامِلَةً لِجَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ، كَقَضَاءِ الدُّيُونِ وَاقْتِضَائِهَا، وَرَدِّ الْوَدَائِعِ وَاسْتِرْدَادِهَا، وَحِفْظِ أَمْوَال الصِّغَارِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا، وَتَزْوِيجِ مَنِ احْتَاجَ إِلَى الزَّوَاجِ مِنْ أَوْلاَدِهِ. وَهَذَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّ الْوَصِيَّ يَتَصَرَّفُ بِالإِْذْنِ مِنَ الْمُوصِي كَالْوَكِيل. فَإِنْ كَانَ الإِْذْنُ خَاصًّا كَانَتْ سُلْطَتُهُ مَقْصُورَةً عَلَى مَا أُذِنَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ الإِْذْنُ عَامًّا كَانَتْ سُلْطَتُهُ عَامَّةً، وَقَدِ اسْتَثْنَى الشَّافِعِيَّةُ مِنْ ذَلِكَ تَزْوِيجُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ، فَقَالُوا: لاَ يَصِحُّ الإِْيصَاءُ بِتَزْوِيجِهِمَا؛ لأَِنَّ الصَّغِيرَ وَالصَّغِيرَةَ لاَ يُزَوِّجُهُمَا إِلاَّ الأَْبُ أَوِ الْجَدُّ؛ وَلأَِنَّ الْوَصِيَّ لاَ يَتَعَيَّرُ بِدُخُول الدَّنِيِّ فِي نَسَبِهِمْ. (١)
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ، وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ فِي الْمَذْهَبِ: إِنَّ الإِْيصَاءَ الصَّادِرَ مِنَ الأَْبِ يَكُونُ عَامًّا، وَلاَ يَقْبَل التَّخْصِيصَ بِنَوْعٍ أَوْ مَكَان أَوْ زَمَانٍ؛ لأَِنَّ الْوَصِيَّ قَائِمٌ مَقَامَ الأَْبِ، وَوِلاَيَةُ الأَْبِ عَامَّةٌ، فَكَذَلِكَ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، وَلأَِنَّهُ لَوْلاَ ذَلِكَ لاَحْتَجْنَا إِلَى تَعْيِينِ وَصِيٍّ آخَرَ، وَالْمُوصِي قَدِ اخْتَارَ هَذَا وَصِيًّا فِي بَعْضِ
(١) الشرح الكبير ٤ / ٤٠١، والشرح الصغير ٢ / ٤٧٣، وشرح جلال الدين المحلي ٣ / ١٧٩، ومغني المحتاج ٣ / ٧٦، والمغني لابن قدامة ٦ / ١٣٦، ومنار السبيل شرح الدليل ٢ / ٤٨، والدر وحاشية ابن عابدين ٦ / ٧٢٢، ٧٢٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute