وَيُفْسِدُ الاِخْتِيَارَ.
٢٠ - إِذَا أَكْرَهَ إِنْسَانٌ غَيْرَهُ إِكْرَاهًا مُلْجِئًا لِيَقْتُل الْمُكْرَهَ، بِأَنْ قَال لَهُ: اقْتُلْنِي وَإِلاَّ قَتَلْتُكَ، فَقَتَلَهُ فَهُوَ فِي حُكْمِ الاِنْتِحَارِ، حَتَّى لاَ يَجِبَ عَلَى الْقَاتِل الْقِصَاصُ وَلاَ الدِّيَةُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ (الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ الأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ) لأَِنَّ الْمُكْرَهَ (بِفَتْحِ الرَّاءِ) كَالآْلَةِ بِيَدِ الْمُكْرِهِ فِي الإِْكْرَاهِ التَّامِّ (الْمُلْجِئِ) فَيُنْسَبُ الْفِعْل إِلَى الْمُكْرِهِ وَهُوَ الْمَقْتُول، فَصَارَ كَأَنَّهُ قَتَل نَفْسَهُ، كَمَا اسْتَدَل بِهِ الْحَنَفِيَّةُ، وَلأَِنَّ إِذْنَ الْمُكَلَّفِ يُسْقِطُ الدِّيَةَ وَالْقِصَاصَ مَعًا كَمَا قَال الشَّافِعِيَّةُ، فَكَيْفَ إِذَا اشْتَدَّ الأَْمْرُ إِلَى دَرَجَةِ الإِْكْرَاهِ الْمُلْجِئِ؟
وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى الْمُكْرَهِ؛ لأَِنَّ الْقَتْل لاَ يُبَاحُ بِالإِْذْنِ، إِلاَّ أَنَّهُ شُبْهَةٌ تُسْقِطُ الْقِصَاصَ (١) . وَلَمْ نَعْثُرْ لِلْمَالِكِيَّةِ عَلَى نَصٍّ فِي الْمَوْضُوعِ، وَقَدْ سَبَقَ رَأْيُهُمْ بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى الْقَاتِل إِذَا أَمَرَهُ الْمَقْتُول بِالْقَتْل.
٢١ - إِذَا أَكْرَهَ شَخْصٌ غَيْرَهُ إِكْرَاهًا مُلْجِئًا لِيَقْتُل الْغَيْرُ نَفْسَهُ، بِأَنْ قَال لَهُ: اقْتُل نَفْسَكَ وَإِلاَّ قَتَلْتُكَ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُل نَفْسَهُ، وَإِلاَّ يُعَدُّ مُنْتَحِرًا وَآثِمًا؛ لأَِنَّ الْمُكْرَهَ عَلَيْهِ لاَ يَخْتَلِفُ عَنِ الْمُكْرَهِ بِهِ، فَكِلاَهُمَا قَتْلٌ، فَلأََنْ يَقْتُلَهُ الْمُكْرِهُ أَوْلَى مِنْ أَنْ يَقْتُل هُوَ نَفْسَهُ. وَلأَِنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَنْجُوَ مِنَ الْقَتْل بِتَرَاجُعِ الْمُكْرِهِ، أَوْ بِتَغَيُّرِ الْحَالَةِ بِأَسْبَابٍ أُخْرَى، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْتَحِرَ
(١) الوجيز للغزالي ٢ / ١٤٣، ونهاية المحتاج ٧ / ٢٤٨، ٢٩٦، وشرح منتهى الإرادات ٣ / ٢٧٥، والبدائع ٧ / ١٧٩
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute