يَتَخَلَّلَهُ إِفَاقَةٌ يَعُودُ بِهَا إِلَى حَال السَّلاَمَةِ فَيُنْظَرَ فِيهِ: فَإِنْ كَانَ زَمَانُ الْخَبَل أَكْثَرَ مِنْ زَمَانِ الإِْفَاقَةِ فَهُوَ كَالْمُسْتَدِيمِ يَمْنَعُ مِنْ عَقْدِ الإِْمَامَةِ وَاسْتِدَامَتِهَا، وَيَخْرُجُ بِحُدُوثِهِ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ زَمَانُ الإِْفَاقَةِ أَكْثَرَ مِنْ زَمَانِ الْخَبَل مَنَعَ مِنْ عَقْدِ الإِْمَامَةِ.
وَاخْتُلِفَ فِي مَنْعِهِ مِنِ اسْتِدَامَتِهَا، فَقِيل: يَمْنَعُ مِنِ اسْتِدَامَتِهَا كَمَا يَمْنَعُ مِنِ ابْتِدَائِهَا، فَإِذَا طَرَأَ بَطَلَتْ بِهِ الإِْمَامَةُ، لأَِنَّ فِي اسْتِدَامَتِهِ إِخْلاَلاً بِالنَّظَرِ الْمُسْتَحَقِّ فِيهِ، وَقِيل: لاَ يَمْنَعُ مِنِ اسْتِدَامَةِ الإِْمَامَةِ، وَإِنْ مَنَعَ مِنْ عَقْدِهَا فِي الاِبْتِدَاءِ، لأَِنَّهُ يُرَاعَى فِي ابْتِدَاءِ عَقْدِهَا سَلاَمَةٌ كَامِلَةٌ، وَفِي الْخُرُوجِ مِنْهَا نَقْصٌ كَامِلٌ.
وَأَمَّا ذَهَابُ الْبَصَرِ فَيَمْنَعُ مِنْ عَقْدِ الإِْمَامَةِ وَاسْتِدَامَتِهَا، فَإِذَا طَرَأَ بَطَلَتْ بِهِ الإِْمَامَةُ، لأَِنَّهُ لَمَّا أَبْطَل وِلاَيَةَ الْقَضَاءِ، وَمَنَعَ مِنْ جَوَازِ الشَّهَادَةِ، فَأَوْلَى أَنْ يَمْنَعَ مِنْ صِحَّةِ الإِْمَامَةِ.
وَأَمَّا غِشَاءُ الْعَيْنِ، وَهُوَ: أَلاَّ يُبْصِرَ عِنْدَ دُخُول اللَّيْل، فَلاَ يَمْنَعُ مِنَ الإِْمَامَةِ فِي عَقْدٍ وَلاَ اسْتِدَامَةٍ، لأَِنَّهُ مَرَضٌ فِي زَمَانِ الدَّعَةِ يُرْجَى زَوَالُهُ.
وَأَمَّا ضَعْفُ الْبَصَرِ، فَإِنْ كَانَ يَعْرِفُ بِهِ الأَْشْخَاصَ إِذَا رَآهَا لَمْ يَمْنَعْ مِنَ الإِْمَامَةِ، وَإِنْ كَانَ يُدْرِكُ الأَْشْخَاصَ وَلاَ يَعْرِفُهَا مَنَعَ مِنَ الإِْمَامَةِ عَقْدًا وَاسْتِدَامَةً.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي مِنَ الْحَوَاسِّ، الَّتِي لاَ يُؤَثِّرُ فَقْدُهَا فِي الإِْمَامَةِ فَشَيْئَانِ: أَحَدُهُمَا: الْخَشْمُ فِي الأَْنْفِ الَّذِي يُدْرِكُ بِهِ شَمَّ الرَّوَائِحِ. وَالثَّانِي: فَقْدُ الذَّوْقِ الَّذِي يُفَرِّقُ بِهِ بَيْنَ الطُّعُومِ. فَلاَ يُؤَثِّرُ هَذَا فِي عَقْدِ الإِْمَامَةِ، لأَِنَّهُمَا يُؤَثِّرَانِ فِي اللَّذَّةِ، وَلاَ يُؤَثِّرَانِ فِي الرَّأْيِ وَالْعَمَل.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute