وَيُوجِبُ بِهَا حَقًّا عَلَى نَفْسِهِ تَتَنَاوَل الْعُقُودَ بِالْمَعْنَى الْعَامِّ الَّذِي أَطْلَقَهُ الْفُقَهَاءُ، وَهِيَ الَّتِي تَنْعَقِدُ بِإِرَادَتَيْنِ مُتَقَابِلَتَيْنِ (أَيْ بِالإِْيجَابِ وَالْقَبُول) أَوِ الَّتِي تَنْعَقِدُ بِإِرَادَةٍ وَاحِدَةٍ (أَيْ بِالإِْيجَابِ فَقَطْ) وَهَذِهِ قَدْ تُسَمَّى عُقُودًا عَلَى سَبِيل التَّوَسُّعِ.
وَالتَّصَرُّفُ يَتِمُّ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ إِذَا كَانَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُرَتِّبَ الْتِزَامًا فِي جَانِبِ كُلٍّ مِنَ الطَّرَفَيْنِ، كَالْبَيْعِ وَالإِْجَارَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ. أَمَّا التَّصَرُّفُ الَّذِي يُرَتِّبُ الْتِزَامًا فِي جَانِبِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ دُونَ الآْخَرِ فَيَتِمُّ بِإِيجَابِ الطَّرَفِ الْمُلْتَزِمِ وَحْدَهُ، كَالْوَقْفِ وَالْوَصِيَّةِ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ وَالْجِعَالَةِ وَالإِْبْرَاءِ مِنَ الدَّيْنِ وَالضَّمَانِ وَالْهِبَةِ وَالْعَارِيَّةِ. وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ مَعَ مُرَاعَاةِ اخْتِلاَفِ الْفُقَهَاءِ فِي اشْتِرَاطِ الْقَبُول فِي بَعْضِهَا.
وَيَدْخُل فِيمَا يَتِمُّ بِإِرَادَةٍ مُنْفَرِدَةٍ: الأَْيْمَانُ وَالنُّذُورُ، وَمَا شَاكَل ذَلِكَ. فَهَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ كُلُّهَا الَّتِي تَتِمُّ بِإِرَادَتَيْنِ، أَوْ بِإِرَادَةٍ وَاحِدَةٍ مَتَى اسْتَوْفَتْ أَرْكَانَهَا وَشَرَائِطَهَا عَلَى النَّحْوِ الْمَشْرُوعِ، فَإِنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الاِلْتِزَامُ بِأَحْكَامِهَا.
١١ - وَنُصُوصُ الْفُقَهَاءِ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الاِلْتِزَامَ يَشْمَل كُل مَا ذُكِرَ، وَمِنْ هَذِهِ النُّصُوصِ:
أ - فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ مِنَ الْمَجَلَّةِ الْعَدْلِيَّةِ. الْعَقْدُ: الْتِزَامُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَتَعَهُّدُهُمَا أَمْرًا، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنِ ارْتِبَاطِ الإِْيجَابِ بِالْقَبُول (١) .
ب - جَاءَ فِي الْمَنْثُورِ فِي الْقَوَاعِدِ لِلزَّرْكَشِيِّ: الْعَقْدُ الشَّرْعِيُّ يَنْقَسِمُ بِاعْتِبَارِ الاِسْتِقْلاَل بِهِ وَعَدَمِهِ إِلَى ضَرْبَيْنِ:
الأَْوَّل: عَقْدٌ يَنْفَرِدُ بِهِ الْعَاقِدُ، مِثْل عَقْدِ النَّذْرِ
(١) المادة ١٠٣ من المجلة العدلية.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute