وَحُكْمُهُ لُزُومُ مَا أَقَرَّ بِهِ عَلَى الْمُقِرِّ، وَعَمَلُهُ إِظْهَارُ الْمُخْبَرِ بِهِ لِغَيْرِهِ لاَ التَّمْلِيكُ بِهِ ابْتِدَاءً، وَيَدُل عَلَيْهِ مَسَائِل:
أ - أَنَّ الرَّجُل إِذَا أَقَرَّ بِعَيْنٍ لاَ يَمْلِكُهَا يَصِحُّ إِقْرَارُهُ، حَتَّى لَوْ مَلَكَهَا الْمُقِرُّ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِهَا إِلَى الْمُقَرِّ لَهُ، وَلَوْ كَانَ الإِْقْرَارُ تَمْلِيكًا مُبْتَدَأً لَمَا صَحَّ ذَلِكَ، لأَِنَّهُ لاَ يَصِحُّ تَمْلِيكُ مَا لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ لَهُ، وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِمُوَافَقَةِ الْحَنَفِيَّةِ فِي صِحَّةِ الإِْقْرَارِ، لَكِنْ لَمْ نَجِدْ فِي كَلاَمِهِمْ أَنَّ الْمُقِرَّ إِذَا مَلَكَ الْعَيْنَ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِهَا لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَكَذَلِكَ لَمْ نَجِدْ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ ذِكْرًا لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
ب - الإِْقْرَارُ بِالْخَمْرِ لِلْمُسْلِمِ يَصِحُّ حَتَّى يُؤْمَرَ بِالتَّسْلِيمِ إِلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ تَمْلِيكًا مُبْتَدَأً لَمْ يَصِحَّ، لَكِنْ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى عَدَمِ صِحَّةِ الإِْقْرَارِ بِالْخَمْرِ، وَفَرَّقَ الشَّافِعِيَّةُ بَيْنَ الْخَمْرِ إِذَا كَانَ مُحْتَرَمًا أَوْ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ، وَصَحَّحُوا الإِْقْرَارَ بِالْخَمْرِ الْمُحْتَرَمِ.
ج - الْمَرِيضُ مَرَضَ الْمَوْتِ الَّذِي لاَ دَيْنَ عَلَيْهِ إِذَا أَقَرَّ بِجَمِيعِ مَالِهِ لأَِجْنَبِيٍّ صَحَّ إِقْرَارُهُ، وَلاَ يَتَوَقَّفُ عَلَى إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ، وَلَوْ كَانَ تَمْلِيكًا مُبْتَدَأً لَمْ يَنْفُذْ إِلاَّ بِقَدْرِ الثُّلُثِ عِنْدَ عَدَمِ إِجَازَتِهِمْ، وَبِقَوْلِهِمْ مَال جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ، وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ قَوْلاَنِ آخَرَانِ، قِيل: لاَ يَصِحُّ مُطْلَقًا، وَقِيل: لاَ يَصِحُّ إِلاَّ فِي الثُّلُثِ.
د - الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ إِذَا أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ صَحَّ إِقْرَارُهُ، وَلَوْ كَانَ الإِْقْرَارُ سَبَبًا لِلْمِلْكِ ابْتِدَاءً كَانَ تَبَرُّعًا مِنَ الْعَبْدِ، وَهُوَ لاَ يَجُوزُ فِي الْكَثِيرِ. (١) وَمِثْلُهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ إِلاَّ أَنَّهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْقَلِيل وَالْكَثِيرِ.
(١) الهداية والفتح والعناية ٦ / ٢٨٠ - ٢٨١، والدسوقي على الشرح الكبير ٣ / ٣٩٧ - ٤٠٣، ومغني المحتاج ٢ / ٢٣٩ - ٢٤٦ ونهاية المحتاج ٥ / ٧٥، والمغني ٥ / ١٨٧، ٢٩٩، ٣٤٢.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute