إِذَا كَانَ لاَ يُعْلَمُ مِنْهُ الإِْتْيَانُ بِمَا يُفْسِدُ الصَّلاَةَ عِنْدَ الْمُقْتَدِي بِيَقِينٍ، لأَِنَّ الصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَزَل بَعْضُهُمْ يَقْتَدِي بِبَعْضٍ مَعَ اخْتِلاَفِهِمْ فِي الْفُرُوعِ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ وَحْدَةِ الصَّفِّ وَقُوَّةِ الْمُسْلِمِينَ.
أَمَّا إِذَا عَلِمَ الْمُقْتَدِي أَنَّ الإِْمَامَ أَتَى بِمَانِعٍ لِصِحَّةِ الصَّلاَةِ فِي مَذْهَبِ الْمَأْمُومِ، وَلَيْسَ مَانِعًا فِي مَذْهَبِهِ، كَتَرْكِ الدَّلْكِ وَالْمُوَالاَةِ فِي الْوُضُوءِ، أَوْ تَرَكَ شَرْطًا فِي الصَّلاَةِ عِنْدَ الْمَأْمُومِ، فَقَدْ صَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ - بِصِحَّةِ الاِقْتِدَاءِ، لأَِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي شُرُوطِ الصَّلاَةِ مَذْهَبُ الإِْمَامِ لاَ الْمَأْمُومِ، مَا لَمْ يَكُنِ الْمَتْرُوكُ رُكْنًا دَاخِلاً فِي الصَّلاَةِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، كَتَرْكِ الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ.
وَفِي الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لاَ يَصِحُّ الاِقْتِدَاءُ اعْتِبَارًا بِنِيَّةِ الْمُقْتَدِي، لأَِنَّهُ يَعْتَقِدُ فَسَادَ صَلاَةِ إِمَامِهِ، فَلاَ يُمْكِنُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ تَيَقَّنَ الْمُقْتَدِي تَرْكَ الإِْمَامِ مُرَاعَاةَ الْفُرُوضِ عِنْدَ الْمُقْتَدِي لَمْ يَصِحَّ الاِقْتِدَاءُ، وَإِنْ عَلِمَ تَرْكَهُ لِلْوَاجِبَاتِ فَقَطْ يُكْرَهُ، أَمَّا إِنْ عَلِمَ مِنْهُ تَرْكَ السُّنَنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ، لأَِنَّ الْجَمَاعَةَ وَاجِبَةٌ، فَتُقَدَّمُ عَلَى تَرْكِ كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ، وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ لِرَأْيِ الْمُقْتَدِي - وَهُوَ الأَْصَحُّ - وَقِيل: لِرَأْيِ الإِْمَامِ، وَعَلَيْهِ جَمَاعَةٌ. قَال فِي النِّهَايَةِ: وَهُوَ الأَْقْيَسُ، وَعَلَيْهِ فَيَصِحُّ الاِقْتِدَاءُ، وَإِنْ كَانَ الإِْمَامُ لاَ يَحْتَاطُ (١) .
(١) ابن عابدين ١ / ٣٧٨.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute