الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ فِي سَبَبِ هَلاَكِهَا أَوْ تَعَيُّبِهَا، فَقَال الْمُعِيرُ: هَلَكَتْ أَوْ تَعَيَّبَتْ بِسَبَبِ تَفْرِيطِكَ، وَقَال الْمُسْتَعِيرُ: مَا فَرَّطْتُ، فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ أَنَّهَا مَا هَلَكَتْ أَوْ تَعَيَّبَتْ بِسَبَبِ تَفْرِيطِهِ. فَإِنْ نَكَل غَرِمَ بِنُكُولِهِ. وَلاَ تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي لأَِنَّهَا يَمِينُ تُهْمَةٍ.
وَإِذَا وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ فَعَلَيْهِ جَمِيعُ قِيمَتِهِ فِي حَالَةِ الْهَلاَكِ، أَوْ عَلَيْهِ الْفَرْقُ بَيْنَ قِيمَتِهِ سَلِيمًا وَمُتَعَيَّبًا.
وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَعَارُ غَيْرَ آلَةِ حَرْبٍ كَفَأْسٍ وَنَحْوِهِ، وَأَتَى بِهِ إِلَى الْمُعِيرِ مَكْسُورًا فَلاَ يُخْرِجُهُ مِنَ الضَّمَانِ، إِلاَّ أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَهُ اسْتِعْمَالاً مَعْهُودًا فِي مِثْلِهِ، فَإِنْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِعَكْسِهِ فَكُسِرَ لَزِمَهُ الضَّمَانُ. (١)
وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمَالِكُ وَالْمُنْتَفِعُ فِي كَوْنِ الْعَيْنِ عَارِيَّةً أَوْ مُسْتَأْجَرَةً يُنْظَرُ: فَإِنْ كَانَ الاِخْتِلاَفُ قَبْل مُضِيِّ مُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أَجْرٌ، رُدَّتِ الْعَيْنُ إِلَى مَالِكِهَا، وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ هُنَا بِتَحْلِيفِ مُدَّعِي الإِْعَارَةِ.
وَإِنْ كَانَ الاِخْتِلاَفُ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أَجْرٌ، فَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ الْقَوْل قَوْل الْمَالِكِ مَعَ يَمِينِهِ، لأَِنَّ الْمُنْتَفِعَ يَسْتَفِيدُ مِنَ الْمَالِكِ مِلْكَ الاِنْتِفَاعِ، وَلأَِنَّ الظَّاهِرَ يَشْهَدُ لَهُ فَكَانَ الْقَوْل قَوْل الْمَالِكِ فِي التَّعْيِينِ، لَكِنْ مَعَ الْيَمِينِ، دَفْعًا لِلتُّهْمَةِ.
١٩ - وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِهَا عَارِيَّةً أَوْ مُسْتَأْجَرَةً بَعْدَ تَلَفِ الْعَيْنِ: فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ كَمَا قَال
(١) الشرح الكبير ٣ / ٤٣٦ - ٤٣٧.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute