قَال السِّمْنَانِيُّ: يُشْتَرَطُ فِي الإِْمَامِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِأُصُول الدِّينِ وَمِنْ أَهْل الاِجْتِهَادِ فِي فُرُوعِهِ لِيُمْكِنَهُ حَل الشُّبَهِ وَإِرْشَادُ الضَّال وَفُتْيَا الْمُسْتَفْتِي وَالْحُكْمُ بَيْنَ الْخُصُومِ، وَهَذَا شَرْطٌ عَلَيْهِ سَائِرُ فِرَقِ الْمُسْلِمِينَ فِي اعْتِبَارِهِ مِنَ الْفُقَهَاءِ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَسَائِرِ الْمُخْتَلِفِينَ، وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ فِرَقِ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى اخْتِلاَفِ مَذَاهِبِهِمْ، لاَ يُعْرَفُ بَيْنَهُمْ خِلاَفٌ فِي ذَلِكَ.
ثُمَّ نَقَل السِّمْنَانِيُّ عَنْ بَعْضِ أَهْل الْعِلْمِ فِي عَصْرِهِ وَهُوَ أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ أَنَّ اعْتِبَارَ الْعِلْمِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ يُؤَدِّي إِلَى أَنْ لاَ يَصِحَّ لإِِمَامٍ إِمَامَةٌ فِي الْعَصْرِ، بَل يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لَهُ بَصَرٌ وَعَقْلٌ وَرَأْيٌ وَيُقَوِّي كُل فَرِيقٍ فِي الأُْصُول وَالْفُرُوعِ " وَيَتَوَلَّوْنَ ذَلِكَ عَنْهُ " كَمَا يَتَوَلاَّهُ بِنَفْسِهِ، وَلَوْ كَلَّفْنَاهُ الْعِلْمَ بِذَلِكَ مَعَ ضِيقِ الزَّمَانِ وَكَثْرَةِ الأَْشْغَال لأََدَّى ذَلِكَ إِلَى انْقِطَاعِ زَمَانِهِ وَفَوَاتِ تَدْبِيرِ أُمُورِ الْخَلْقِ، لأَِنَّ الْعِلْمَ كَثِيرٌ وَالْمَسَائِل صَعْبَةٌ، وَلاَ يَكَادُ يَجْتَمِعُ جَمِيعُ الْعُلُومِ فِي الشَّخْصِ الْوَاحِدِ إِلاَّ نَادِرًا شَاذًّا، وَيَجْتَمِعُ مَجْمُوعُ الْعُلُومِ فِي الأَْشْخَاصِ، فَإِذَا احْتَاجَ إِلَى نَوْعٍ مِنْ ذَلِكَ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَقَاسَ ذَلِكَ عَلَى الْقَضَاءِ. (١)
(١) روضة القضاة للسمناني ١ ٦٢.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute