الْوَكِيل فَوْرَ صُدُورِ الإِْيجَابِ مِنَ الْمُوَكِّل فَإِنَّ عَقْدَ الْوَكَالَةِ يَنْعَقِدُ.
وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا تَرَاخَى الْقَبُول عَنِ الإِْيجَابِ:
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ وَالْمَالِكِيَّةُ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، إِلَى أَنَّهُ يَصِحُّ قَبُول الْوَكَالَةِ عَلَى التَّرَاخِي، لأَِنَّ قَبُول وُكَلاَئِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بِفِعْلِهِمْ وَكَانَ مُتَرَاخِيًا عَنْ تَوْكِيلِهِ إِيَّاهُمْ، وَلأَِنَّ الْوَكَالَةَ إِذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ، وَالإِْذْنُ قَائِمٌ مَا لَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ الْمُوَكِّلُ، فَأَشْبَهَ الإِْبَاحَةَ.
وَقَيَّدَ الشَّافِعِيَّةُ كَوْنَ الْقَبُول عَلَى التَّرَاخِي بِمَا إِذَا لَمَّ يَتَعَيَّنْ زَمَانُ الْعَمَل الَّذِي وَكَّل فِيهِ، فَإِنْ تَعَيَّنَ زَمَانُهُ وَخِيفَ فَوَاتُهُ، كَانَ قَبُول الْوَكَالَةِ عَلَى الْفَوْرِ.
وَكَذَا لَوْ عَرَضَهَا الْحَاكِمُ عَلَيْهِ عِنْدَ ثُبُوتِهَا عِنْدَهُ صَارَ قَبُولُهَا عَلَى الْفَوْرِ أَيْضًا. (١)
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الْقَوْل الثَّانِي وَأَبُو حَامِدٍ الْمَرُّوذِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّ قَبُول الْوَكَالَةِ عَلَى الْفَوْرِ، فَلاَ يَصِحُّ إِذَا تَرَاخَى الْقَبُول عَنِ الإِْيجَابِ بِالزَّمَانِ الطَّوِيلِ، لأَِنَّ الْوَكَالَةَ عَقْدٌ فِي حَال
(١) روضة القضاة للسمناني ٢ / ٦٤١، وعقد الجواهر الثمينة ٢ / ٦٧٨ ـ ٦٧٩، ومواهب الجليل ٥ / ١٩٠ ـ ١٩١، والحاوي للماوردي ٨ / ١٨٩، والمهذب ١ / ٣٥٧، وكشاف القناع ٣ / ٤٦٢، والمغني ٥ / ٩٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute