فَغَلَّتُهُ لِمَنْ جَعَل لَهُ خَاصَّةً.
وَذَهَبَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى عَدَمِ صِحَّةِ وَقْفِ الْمَدِينِ، فَقَدْ نَقَل صَاحِبُ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ عَنْ مَعْرُوضَاتِ الْمُفْتِي أَبِي السُّعُودِ أَنَّهُ سُئِل عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى أَوْلاَدِهِ وَهَرَبَ مِنَ الدُّيُونِ هَل يَصِحُّ؟ فَأَجَابَ: لاَ يَصِحُّ وَلاَ يَلْزَمُ، وَالْقُضَاةُ مَمْنُوعُونَ مِنَ الْحُكْمِ وَتَسْجِيل الْوَقْفِ بِمِقْدَارِ مَا شُغِل بِالدَّيْنِ (١) .
وَيُفَرِّقُ الْمَالِكِيَّةُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْوَقْفُ بَعْدَ الدَّيْنِ أَوْ قَبْلَهُ، وَبَيْنَ حَوْزِ الْمَوْقُوفِ وَعَدَمِهِ، فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ سَابِقًا عَلَى الْوَقْفِ فَإِنَّ الْوَقْفَ يَكُونُ بَاطِلاً، وَيُبَاعُ لِلدَّيْنِ تَقْدِيمًا لِلْوَاجِبِ عَلَى التَّبَرُّعِ.
وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ سَابِقًا عَلَى الدَّيْنِ، فَإِنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ قَدْ حَازَ الْمَوْقُوفَ قَبْل حُصُول الدَّيْنِ كَانَ الْوَقْفُ صَحِيحًا وَتَعَلَّقَ الدَّيْنُ بِذِمَّةِ الْوَاقِفِ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لَمْ يَحُزِ الْوَقْفَ حَتَّى حَصَل الدَّيْنُ فَلِلْغَرِيمِ إِبْطَال الْوَقْفِ، أَيْ عَدَمُ إِتْمَامِهِ وَأَخْذِهِ فِي دَيْنِهِ، وَلَهُ إِمْضَاؤُهُ، فَهُوَ مُخَيَّرٌ لأَِنَّ الْحَقَّ لَهُ.
وَإِنْ جَهِل سَبْقَ أَحَدِهِمَا، أَيْ جَهِل سَبْقَ الْوَقْفِ عَلَى الدَّيْنِ أَوْ سَبْقَ الدَّيْنِ عَلَى الْوَقْفِ، فَإِنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ قَدْ خَرَجَ مِنْ تَحْتِ يَدِ الْوَاقِفِ وَحَازَهُ
(١) الدر المختار وحاشية ابن عابدين ٣ / ٣٩٥، وفتح القدير ٦ / ٢٠٨.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute