للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الْوَاقِفِ فِي التَّصَرُّفِ فِي الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ بِأَيِّ تَصَرُّفٍ يُخِل بِالْمَقْصُودِ مِنَ الْوَقْفِ، فَلاَ يُبَاعُ وَلاَ يُوهَبُ وَلاَ يُورَثُ؛ وَذَلِكَ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: تَصَدَّقْ بِأَصْلِهِ، وَلاَ يُبَاعُ وَلاَ يُوهَبُ وَلاَ يُورَثُ (١) (وَلأَِنَّ الْوَقْفَ تَبَرُّعٌ يَمْنَعُ الْبَيْعَ وَالْهِبَةَ وَالْمِيرَاثَ فَلَزِمَ بِمُجَرَّدِ صُدُورِ الصِّيغَةِ مِنَ الْوَاقِفِ كَالْعِتْقِ، وَيُفَارِقُ الْهِبَةَ فَإِنَّهَا تَمْلِيكٌ مُطْلَقٌ، وَالْوَقْفُ تَحْبِيسُ الأَْصْل وَتَسْبِيل الْمَنْفَعَةِ، فَهُوَ بِالْعِتْقِ أَشْبَهُ، فَإِلْحَاقُهُ بِهِ أَوْلَى. .

وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْوَقْفُ جَائِزٌ غَيْرُ لاَزِمٍ - كَمَا سَبَقَ - وَلِلْوَاقِفِ الرُّجُوعُ فِيهِ حَال حَيَاتِهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَيُورِثُ عَنْهُ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْوَقْفُ عِنْدَهُ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ:: أَنْ يَحْكُمَ بِهِ الْقَاضِي، أَوْ يُخْرِجَهُ مَخْرَجَ الْوَصِيَّةِ، وَلَكِنَّ الْفَتْوَى عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى قَوْل أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَهُوَ اللُّزُومُ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنِ الْفَتْحِ: وَالْحَقُّ تَرْجِيحُ قَوْل عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ بِلُزُومِهِ؛ لأَِنَّ الأَْحَادِيثَ وَالآْثَارَ مُتَضَافِرَةٌ عَلَى ذَلِكَ، وَاسْتَمَرَّ عَمَل الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، فَتَرَجَّحَ قَوْلُهُمَا.

وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ الْوَقْفَ لاَ يَلْزَمُ إِلاَّ بِالْقَبْضِ وَإِخْرَاجِ الْوَاقِفِ لَهُ عَنْ يَدِهِ؛ لأَِنَّهُ تَبَرُّعٌ


(١) حديث: " تصدق بأصله لا يباع ولا يوهب ولا يورث ". أخرجه البخاري (فتح الباري ٥ / ٣٩٢) .