وَإِنْ رَدَّ الْوَرَثَةُ الْوَصَايَا الزَّائِدَةَ عَلَى الثُّلُثِ فَقْدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي كَيْفِيَّةِ قِسْمَةِ الثُّلُثِ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُمْ.
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِلَى أَنَّ الثُّلُثَ يُقْسَمُ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُمْ عَلَى قَدْرِ سِهَامِهِمْ بِتَقْدِيرِ الإِْجَازَةِ، وَيُقْسَمُ الثُّلُثَانِ عَلَى الْوَرَثَةِ، وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُوصَى لَهُمْ مِنْ تَجَاوُزِ وَصِيَّتِهِ الثُّلُثَ أَوْ لاَ. وَبِهِ قَال الْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ بِأَنَّ الْمُوصِيَ لَمَّا قَصَدَ التَّفْضِيل بَيْنَ الْمُوصَى لَهُمْ فِي كُل الْمَال قَصَدَ التَّفْضِيل بَيْنَهُمْ فِي كُل جُزْءٍ مِنْهُ فَلَمْ تَجُزِ التَّسْوِيَةُ، وَلأَِنَّ كُل شَخْصَيْنِ جُعِل الْمَال بَيْنَهُمَا عَلَى التَّفَاضُل، لَزِمَ عِنْدَ ضِيقِ الْمَال أَنْ يَتَقَاسَمَاهُ عَلَى التَّفَاضُل كَالْعَوْل فِي الْفَرَائِضِ (١) .
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ إِلَى
(١) الْمُغْنِي ٦ / ٤٧، والبناية ١٠ / ٤٣٩، والحاوي للماوردي ١٠ / ٣٢، والذخيرة ١٣ / ١١٢ - ١١٣، والقوانين الْفِقْهِيَّة ص ٤٠٠
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute