للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاسْتَثْنَى الشَّافِعِيَّةُ مِنْ أَصْل تَضْمِينِهِ مَا لَوْ قَال الْوَدِيعُ: لاَ وَدِيعَةَ لأَِحَدٍ عِنْدِي. إِمَّا ابْتِدَاءً، وَإِمَّا جَوَابًا عَلَى سُؤَال غَيْرِ الْمَالِكِ، فَقَالُوا: لاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، سَوَاءٌ جَرَى ذَلِكَ فِي حَضْرَةِ الْمَالِكِ أَوْ فِي غَيْبَتِهِ، لأَِنَّ إِخْفَاءَهَا أَبَلَغُ فِي حِفْظِهَا، بِخِلاَفِ مَا إِذَا طَلَبَهَا الْمَالِكُ فَجَحَدَهَا، فَإِنَّهُ يَكُونُ خَائِنًا ضَامِنًا.

فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا الْمَالِكُ، بَل قَال: لِي عِنْدَكَ وَدِيعَةٌ، فَسَكَتَ الْوَدِيعُ، لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ أَنْكَرَ لَمْ يَضْمَنْ أَيْضًا عَلَى الأَْصَحِّ، لأَِنَّهُ لَمْ يُمْسِكْهَا لِنَفْسِهِ، وَقَدْ يَكُونُ لَهُ فِي الإِْخْفَاءِ غَرَضٌ صَحِيحٌ، كَأَنْ يُرِيدَ بِهِ زِيَادَةَ الْحِفْظِ، بِخِلاَفِ مَا بَعْدَ الطَّلَبِ. نَعَمْ، إِنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ لَهُ غَرَضًا صَحِيحًا، كَمَا لَوْ طَلَبَهَا مِنْهُ صَاحِبُهَا بِحَضْرَةِ ظَالِمٍ خَشِيَ عَلَيْهِ مِنْهُ، فَجَحَدَهَا دَفْعًا لِلظَّالِمِ، لَمْ يَضْمَنْ، لأَِنَّهُ مُحْسِنٌ بِالْجَحْدِ حِينَئِذٍ. (١)

وَالأَْصْل فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ أَنْكَرَ وَدِيعَةً ادُّعِيَتْ عِنْدَهُ، أَنْ يَكُونَ الْقَوْل قَوْلَهُ، وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي،


(١) أَسْنَى الْمَطَالِب ٣ / ٨٣، وَرَوْضَة الطَّالِبِينَ ٦ / ٣٤٢، وَتُحْفَة الْمُحْتَاج ٧ / ١٢٧.