للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمَّا إِذَا تَعَدَّى الْوَدِيعُ عَلَيْهَا أَوْ فَرَّطَ فِي حِفْظِهَا، فَعَلَيْهِ ضَمَانُهَا. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: بِغَيْرِ خِلاَفٍ نَعْلَمُهُ، لأَِنَّهُ مُتْلِفٌ لِمَال غَيْرِهِ، فَضَمِنَهُ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِيدَاعٍ (١) .

وَاسْتَدَل الْفُقَهَاءُ عَلَى كَوْنِهَا أَمَانَةً بِالسُّنَّةِ وَقَوْل الصَّحَابَةِ وَالإِْجْمَاعِ وَالْمَعْقُول:

فَأَمَّا السُّنَّةُ: فَبِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: مَنْ أَوْدَعَ وَدِيعَةً فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ " (٢) .

وَبِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ غَيْرِ الْمُغِل ضَمَانٌ، وَلاَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ غَيْرِ الْمُغِل ضَمَانٌ " (٣) . وَالْمُغِل هُوَ الْخَائِنُ.

وَأَمَّا قَوْل الصَّحَابَةِ: فَبِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَجَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّ


(١) الْمُغْنِي ٩ / ٢٥٨.
(٢) حَدِيثُ: " مَنْ أَوْدَعَ وَدِيعَةً فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ ". أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ (٢ / ٨٠٢ ـ ط الْحَلَبِيِّ) ، وَضَعَّفَ إِسْنَادَهُ الْبُوصِيرِيُّ فِي مِصْبَاحِ الزُّجَاجَةِ (٢ / ٤٢ ـ ط دَارِ الْجِنَانِ) لِضَعْفِ رَاوِيَيْنِ فِي إِسْنَادِهِ.
(٣) حَدِيثُ: " لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ غَيْرِ الْمُغِل ضَمَانٌ. . . " أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ (٣ / ٤٠١ ـ ط دَارِ الْمَحَاسِنِ) ، وَذَكَرَ أَنَّ فِي إِسْنَادِهِ رَاوِيَيْنِ ضَعِيفَيْنِ.