وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ وَقْتَ الْوُجُوبِ فِي الْوَاجِبِ الْمُوَسَّعِ هُوَ الْجُزْءُ الأَْوَّل مِنْهُ إِنِ اتَّصَل بِهِ الأَْدَاءُ، وَإِلاَّ فَأَيُّ جُزْءٍ مِنَ الْوَقْتِ يَتَّصِل بِهِ الأَْدَاءُ. وَإِنْ لَمْ يَتَّصِل الأَْدَاءُ بِجُزْءٍ فَسَبَبُ الْوُجُوبِ هُوَ الْجُزْءُ الأَْخِيرُ وَلَوْ نَاقِصًا، وَذَلِكَ لأَِنَّ الْوُجُوبَ يَلْزَمُهُ الْمَنْعُ مِنَ التَّرْكِ؛ لأَِنَّ كُل جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْوَقْتِ بِعَيْنِهِ يَجُوزُ إِخْلاَؤُهُ عَنِ الْفِعْل، وَكَذَا كُل فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ، وَذَلِكَ يُنَافِي الْوُجُوبَ؛ وَلأَِنَّهُ إِذَا قُلْنَا: إِنَّ الْوُجُوبَ يَتَعَلَّقُ بِكُل الْوَقْتِ لَزِمَ تَقَدُّمُ الْمُسَبِّبِ عَلَى السَّبَبِ، أَوْ وُجُوبَ أَدَاءِ الْوَاجِبِ بَعْدَ وَقْتِهِ، فَتَعَيَّنَ الْبَعْضُ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْبَعْضُ أَوَّل الْوَقْتِ عَيْنًا لِلُزُومِ عَدَمِ الْوُجُوبِ عَلَى مَنْ صَارَ أَهْلاً لِلْوُجُوبِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ بِقَدْرٍ يَسَعُهُ، كَمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ أَفَاقَا فِيهِ، وَحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ طَهُرَتَا فِيهِ، وَصَبِيٍّ بَلَغَ، وَمُرْتَدٍّ أَسْلَمَ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْبَعْضُ آخِرَ الْوَقْتِ عَيْنًا، لأَِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ لاَ يَصِحَّ الأَْدَاءُ فِي أَوَّلِهِ لاِمْتِنَاعِ التَّقَدُّمِ عَلَى السَّبَبِ، فَتَعَيَّنَ كَوْنُهُ الْجُزْءَ الَّذِي يَتَّصِل بِهِ الأَْدَاءُ وَيَلِيهِ الشُّرُوعُ؛ لأَِنَّ الأَْصْل فِي السَّبَبِ هُوَ الاِتِّصَال بِالْمُسَبِّبِ وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا لاَ يَتَّسِعُ لِفِعْل كُل الْوَاجِبِ فِيهِ، كَوَقْتِ اصْفِرَارِ الشَّمْسِ مَثَلاً فَيَصِحُّ أَدَاءُ الْعَصْرِ فِيهِ؛ لأَِنَّهُ لَمَّا اتَّصَل الأَْدَاءُ بِهِ صَارَ هُوَ السَّبَبَ، وَهُوَ مَأْمُورٌ بِأَدَائِهِ فَيَكُونُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute