للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْحَرَمِ مِنْ تَعْظِيمِ اللَّهِ، فَصَارَتِ الْمَعْصِيَةُ فِي الْحَرَمِ أَشَدَّ مِنَ الْمَعْصِيَةِ فِي غَيْرِهِ، وَإِنِ اشْتَرَكَ الْجَمِيعُ فِي تَرْكِ تَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى.

قَال شِهَابُ الدِّينِ الأَْلُوسِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ} الظَّاهِرُ أَنَّ الْوَعِيدَ عَلَى إِرَادَةِ ذَلِكَ مُطْلَقًا، فَيُفِيدُ أَنَّ مَنْ أَرَادَ سَيِّئَةً فِي مَكَّةَ - وَلَمْ يَعْمَلْهَا - يُحَاسَبُ عَلَى مُجَرَّدِ الإِْرَادَةِ، وَهُوَ قَوْل ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعِكْرِمَةَ وَأَبِي الْحَجَّاجِ.

وَقَال إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ: قُلْتُ لأَِحْمَدَ: هَل وَرَدَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحَدِيثِ أَنَّ السَّيِّئَةَ تُكْتَبُ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ؟ قَال: لاَ، مَا سَمِعْتُ إِلاَّ بِمَكَّةَ لِتَعْظِيمِ الْبَلَدِ.

وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّ الْعَفْوَ عَنِ الْهَمِّ بِالْمَعْصِيَةِ وَعَدَمَ الْمُؤَاخَذَةِ بِهِ عَامَّةٌ فِي النَّاسِ جَمِيعًا، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي الْحَرَمِ الْمَكِّيِّ أَمْ فِي غَيْرِهِ؛ لأَِنَّ النُّصُوصَ الْوَارِدَةَ فِي ذَلِكَ لَمْ تُفَرِّقْ لاَ فِي الأَْزْمِنَةِ وَلاَ فِي الأَْمْكِنَةِ، وَإِنَّمَا عَمَّمَتْ (١) ، كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، فَإِنْ هُوَ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ


(١) فَتْح الْبَارِي ١١ / ٣٢٨، ٣٢٩، وتفسير الْقُرْطُبِيّ ١٢ / ٣٤، ٣٥، ١٨ / ٢٢٤، وتفسير رُوح الْمَعَانِي ٩ / ١٣٤، وأحكام الْقُرْآن لاِبْنِ الْعَرَبِيِّ ٣ / ٢٧٧