هَذَا قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ.
وَذَلِكَ، لأَِنَّ الْقُرْبَةَ الَّتِي فِي الأُْضْحِيَّةِ، وَفِي هَذِهِ الأَْنْوَاعِ كُلِّهَا إِنَّمَا هِيَ فِي إِرَاقَةِ الدَّمِ، وَإِرَاقَةُ الدَّمِ فِي الْبَدَنَةِ الْوَاحِدَةِ لاَ تَتَجَزَّأُ، لأَِنَّهَا ذَبْحٌ وَاحِدٌ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الإِْرَاقَةُ قُرْبَةً مِنْ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ تَكُنْ قُرْبَةً مِنَ الْبَاقِينَ، بِخِلاَفِ مَا لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الإِْرَاقَةُ قُرْبَةً مِنَ الْجَمِيعِ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ جِهَتُهَا، أَوْ كَانَ بَعْضُهَا وَاجِبًا وَبَعْضُهَا تَطَوُّعًا.
وَقَال زُفَرُ: لاَ يُجْزِئُ الذَّبْحُ عَنِ الأُْضْحِيَّةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الْقُرَبِ عِنْدَ الاِشْتِرَاكِ، إِلاَّ إِذَا كَانَ الْمُشْتَرِكُونَ مُتَّفِقِينَ فِي جِهَةِ الْقُرْبَةِ، كَأَنْ يَشْتَرِكَ سَبْعَةٌ كُلُّهُمْ يُرِيدُ الأُْضْحِيَّةَ، أَوْ سَبْعَةٌ كُلُّهُمْ يُرِيدُ جَزَاءَ الصَّيْدِ، فَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي الْجِهَةِ لَمْ يَصِحَّ الذَّبْحُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، لأَِنَّ الْقِيَاسَ يَأْبَى الاِشْتِرَاكَ، إِذِ الذَّبْحُ فِعْل وَاحِدٍ لاَ يَتَجَزَّأُ، فَلاَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَقَعَ بَعْضُهُ عَنْ جِهَةٍ، وَبَعْضُهُ عَنْ جِهَةٍ أُخْرَى، لَكِنْ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِهَةِ يُمْكِنُ أَنْ تُجْعَل كَقُرْبَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلاَ يُمْكِنُ ذَلِكَ عِنْدَ الاِخْتِلاَفِ، فَبَقِيَ الأَْمْرُ فِيهِ مَرْدُودًا إِلَى الْقِيَاسِ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ كَرِهَ الاِشْتِرَاكَ عِنْدَ اخْتِلاَفِ الْجِهَةِ، وَقَال: لَوْ كَانَ هَذَا مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ، وَهَكَذَا قَال أَبُو يُوسُفَ (١) .
٣٨ - وَلَوِ اشْتَرَى رَجُلٌ بَقَرَةً يُرِيدُ أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا، ثُمَّ أَشْرَكَ فِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ غَيْرَهُ، فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا حِينَ اشْتَرَاهَا فَقَدْ أَوْجَبَهَا عَلَى نَفْسِهِ كَمَا سَبَقَ، فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُشْرِكَ فِيهَا غَيْرَهُ. وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا مُقِيمًا، وَقَدِ اشْتَرَاهَا قَبْل وَقْتِ الْوُجُوبِ، أَوْ غَنِيًّا مُسَافِرًا فَكَذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا مُقِيمًا، وَاشْتَرَاهَا بَعْدَ وَقْتِ
(١) حاشية ابن عابدين ٥ / ٢٠٧، ٢٠٨ ط بولاق.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute