وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّ جَوَازَ اشْتِرَاطِ رَدِّ مَنْ جَاءَ مِنَ الرِّجَال مُسْلِمًا لَيْسَ عَلَى إِطْلاَقِهِ بَل يُعْتَبَرُ بِأَحْوَالِهِمْ عِنْدَ قَوْمِهِمْ وَفِي عَشَائِرِهِمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ أَوْ كَانُوا قَادِرِينَ عَلَى قَهْرِ طَالِبِيهِمْ وَالْهَرَبِ مِنْهُمْ، فَإِنْ كَانُوا مُسْتَذَلِّينَ فِيهِمْ لَيْسَ لَهُمْ عَشِيرَةٌ تَكُفُّ عَنْهُمُ الأَْذَى وَطَلَبُوهُمْ لِيُعَذِّبُوهُمْ وَيَفْتِنُوهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، لَمْ يَجُزْ رَدُّهُمْ إِلَيْهِمْ. وَكَانَ الشَّرْطُ فِي عَقْدِ الْهُدْنَةِ بِرَدِّهِمْ بَاطِلاً كَمَا بَطَل فِي رَدِّ النِّسَاءِ، حَقْنًا لِلدِّمَاءِ وَكَفًّا عَنْ تَعْذِيبِهِمْ وَاسْتِذْلاَلِهِمْ، فَقَدْ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ (١) ، وَلأَِنَّهُ لَمَّا وَجَبَ عَلَى الإِْمَامِ فَكُّ الأَْسِيرِ الْمُسْلِمِ وَجَبَ أَنْ لاَ يَكُونَ عَوْنًا عَلَى أَسْرِ مُسْلِمٍ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ فِي عِزٍّ مِنْ قَوْمِهِ وَمَنَعَةٍ مِنْ عَشِيرَتِهِ قَدْ أَمِنَ أَنْ يُفْتَنَ عَنْ دِينِهِ أَوْ يَسْتَذِلَّهُ مُسْتَطِيلٌ عَلَيْهِ فَجَازَ رَدُّهُ عَلَيْهِمْ وَصَحَّتِ الْهُدْنَةُ بِاشْتِرَاطِ
(١) حَدِيث: " إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ ". أَخْرَجَهُ البخاري (فَتْح الْبَارِي ١٠ / ٤٦٣ - ط السَّلَفِيَّة) مِنْ حَدِيثِ ابْن عُمَر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute