٩ - مِنْ أَمْثِلَةِ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي عَقْدِ الْهُدْنَةِ اشْتِرَاطُ رَدِّ مَنْ جَاءَنَا مُسْلِمًا مِنَ الْكُفَّارِ.
فَإِنْ شَرَطَ عَدَمَ الرَّدِّ أَوْ أَطْلَقَ فَلَمْ يَذْكُرْ فِي عِقْدِ الْهُدْنَةِ رَدًّا وَلاَ عَدَمَهُ أَوْ خَصَّ بِالنِّسَاءِ فَلاَ رَدَّ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، وَإِنْ خَصَّ الرَّدَّ بِالرِّجَال، أَوْ ذَكَرَ الرَّدَّ وَلَمْ يُخَصَّصْ بِنَوْعٍ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ الرَّدِّ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ إِنْ شَرَطَ فِي عَقْدِ الصُّلْحِ رَدَّ مَنْ جَاءَ مُسْلِمًا مِنْهُمْ عَلَيْهِمْ بَطَل الشَّرْطُ وَلاَ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَقَالُوا: إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ (١) } هُوَ دَلِيل النَّسْخِ فِي حَقِّ الرِّجَال أَيْضًا، إِذْ لاَ فَرْقَ بَيْنَ الرِّجَال وَالنِّسَاءِ فِي ذَلِكَ، بَل مَفْسَدَةُ رَدِّ الْمُسْلِمِ إِلَيْهِمْ أَكْبَرُ، وَلاَ يَغْرَمُ لأَِزْوَاجِ الْمُسْلِمَاتِ مَا أَنْفَقُوا مِنْ مُهُورِهِنَّ، وَحِينَ شَرَعَ الرَّدَّ كَانَ فِي قَوْمٍ لاَ يُبَالِغُونَ فِي تَعْذِيبِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ؛ لأَِنَّ كُل قَبِيلَةٍ لاَ تَتَعَرَّضُ لِمَنْ فَعَل ذَلِكَ مِنْ قَبِيلَةٍ أُخْرَى؛ وَإِنَّمَا تَتَوَلَّى رَدْعَهُ عَشِيرَتُهُ وَهُمْ لاَ يَبْلُغُونَ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنَ الْقَيْدِ وَالسَّبِّ وَالإِْهَانَةِ.
(١) سُورَةُ الْمُمْتَحَنَةِ / ١٠
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute