للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١١ - وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ عَلَى الْقَاتِل دِيَةَ مُسْلِمٍ فِي حَالَةِ إِسْلاَمِ الْمُرْتَدِّ أَوِ الْحَرْبِيِّ اعْتِبَارًا بِحَال الإِْصَابَةِ؛ لأَِنَّهَا حَالَةُ اتِّصَال الْجِنَايَةِ. وَالرَّمْيُ كَالْمُقَدِّمَةِ الَّتِي يُتَسَبَّبُ بِهَا إِلَى الْجِنَايَةِ، كَمَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا عُدْوَانًا وَهُنَاكَ حَرْبِيٌّ أَوْ مُرْتَدٌّ فَأَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ أَوْ الْمُرْتَدُّ، ثُمَّ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَ السَّبَبِ مُهْدَرًا.

إِلاَّ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ قَالُوا: الأَْصَحُّ أَنَّ وُجُوبَ هَذِهِ الدِّيَةِ مُخَفِّفَةً مَضْرُوبٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ لأَِنَّهَا دِيَةُ خَطَأٍ، كَمَا لَوْ رَمَى إِلَى صَيْدٍ فَأَصَابَ آدَمِيًّا، وَقِيل: دِيَةُ شِبْهِ عَمْدٍ، وَقِيل: عَمْدٍ.

وَقَال ابْنُ الْقَاسِمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: إِنَّ الدِّيَةَ حَالَّةٌ فِي مَال الْجَانِي.

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَسَحْنُونٌ وَأَشْهَبُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ لاَ شَيْءَ عَلَى الْقَاتِل، أَيْ لاَ قَوَدَ وَلاَ دِيَةَ؛ لأَِنَّ الرَّمْيَ لَمْ يَنْعَقِدْ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ بِصَيْرُورَتِهِ مُتَقَوِّمًا بَعْدَ ذَلِكَ؛ لأَِنَّ الْمُرْتَدَّ وَالْحَرْبِيَّ لاَ عِصْمَةَ لِدَمِهِمَا (١) .


(١) تَكْمِلَة فَتْح الْقَدِير ١٠ / ٢٦٨، تبيين الْحَقَائِق ٦ / ١٢٤، والبحر الرَّائِق ٨ / ٣٧١، والتاج وَالإِْكْلِيل بِهَامِش الْحَطَّاب ٦ / ٢٤٤، ومغني الْمُحْتَاج ٤ / ٢٣ - ٢٤، وأسنى الْمَطَالِب شُرِحَ رَوَّضَ الطَّالِبُ ٤ / ١٩، والمغني لاِبْنِ قُدَامَةَ ٧ / ٦٩٤، وكشاف الْقِنَاع ٥ / ٥٢٢