وَإِنْ تَقَدَّمَتِ النِّيَّةُ، فَإِنِ اسْتَمَرَّتْ إِلَى أَنْ شَرَعَ فِي الْعِبَادَةِ أَجْزَأَهُ مَا اقْتَرَنَ مِنْهَا.
وَإِنِ انْقَطَعَتِ النِّيَّةُ قَبْل الشُّرُوعِ فِي الْعِبَادَةِ لَمْ تَصِحَّ الْعِبَادَةُ لِتَرَدُّدِهَا، فَإِنْ قَرُبَ انْقِطَاعُهَا أَجْزَأَتْ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ، وَفِيهِ بُعْدٌ؛ لأَِنَّهَا إِذَا انْقَطَعَتْ وَقَعَ ابْتِدَاءُ الْعِبَادَةِ مُرَدَّدًا، فَإِنِ اكْتَفَى بِالنِّيَّةِ السَّابِقَةِ فَلاَ فَرْقَ بَيْنَ بَعِيدِهَا وَقَرِيبِهَا.
وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَصْحِبَ ذِكْرَ النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ إِلَى آخِرِهِ لأَِنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى مَقْصُودِ النِّيَّاتِ، وَلاَ يَفْعَل ذَلِكَ فِي الصَّلاَةِ لأَِنَّ قَلْبَهُ مَشْغُولٌ عَنْ ذِكْرِ النِّيَّةِ بِمُلاَحَظَةِ مَعْنَى الأَْذْكَارِ وَالْقِرَاءَةِ وَالدُّعَاءِ، فَكَانَ الاِشْتِغَال بِالأَْهَمِّ فِي الصَّلاَةِ أَوْلَى مِنْ مُلاَحَظَةِ النِّيَّةِ وَذِكْرِهَا.
وَيَكْفِي فِي الْعِبَادَةِ نِيَّةٌ فَرْدَةٌ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: إِنَّمَا الأَْعْمَال بِالنِّيَّاتِ (١) ، وَقَدْ قَال الشَّافِعِيُّ فِي الصَّلاَةِ: يَنْوِي مَعَ التَّكْبِيرِ لاَ قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ.
وَقَال الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَال: لاَ بُدَّ مِنَ اسْتِمْرَارِ النِّيَّةِ مِنْ أَوَّل التَّكْبِيرِ إِلَى آخِرِهِ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلنِّيَّةِ فِي جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الْعُسْرِ
(١) حديث: " إنما الأعمال بالنيات. . . ". تقدم تخريجه ف ٨.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute