وَأَضَافَ الْمَازِرِيُّ قَوْلَهُ: وَهَذَا أَمْرٌ لاَ مَدْخَل لِلْعَقْل فِيهِ وَإِنَّمَا طَرِيقُهُ السَّمْعُ، وَظَوَاهِرُ السَّمْعِ تَدُل عَلَى صِحَّةِ الْقَوْل الأَْوَّل. . أَيْ عَلَى أَنَّ النِّيَّةَ مَحَلُّهَا الْقَلْبُ.
وَقَال الْحَطَّابُ: يَنْبَنِي عَلَى هَذَا الْخِلاَفِ مَسْأَلَةٌ مِنَ الْجِرَاحِ، وَهِيَ: مَنْ شُجَّ فِي رَأْسِهِ مَأْمُومَةً أَوْ مُوضِحَةً خَطَأً فَذَهَبَ عَقْلُهُ. قَال فِي الْمُقَدِّمَاتِ: فَلَهُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ دِيَةُ الْعَقْل وَدِيَةُ الْمَأْمُومَةِ أَوِ الْمُوضِحَةِ، لاَ يَدْخُل بَعْضُ ذَلِكَ فِي بَعْضٍ، إِذْ لَيْسَ الرَّأْسُ عِنْدَهُ مَحَل الْعَقْل وَإِنَّمَا مَحَلُّهُ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ الْقَلْبُ، وَهُوَ قَوْل أَكْثَرِ أَهْل الشَّرْعِ، فَهُوَ كَمَنْ فَقَأَ عَيْنَ رَجُلٍ وَأَذْهَبَ سَمْعَهُ فِي ضَرْبَةٍ. وَعَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ: إِنَّمَا لَهُ دِيَةُ الْعَقْل؛ لأَِنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الرَّأْسُ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْفَلاَسِفَةِ، وَهُوَ كَمَنْ أَذْهَبَ بَصَرَ رَجُلٍ وَفَقَأَ عَيْنَهُ فِي ضَرْبَةٍ، وَهَذَا فِي الْخَطَأِ، وَأَمَّا فِي الْعَمْدِ فَيَقْتَصُّ مِنْهُ مِنَ الْمُوضِحَةِ، فَإِنْ ذَهَبَ عَقْل الْمُقْتَصِّ مِنْهُ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ فَدِيَةُ ذَلِكَ فِي مَال الْجَانِي، وَفِي الْمَأْمُومَةِ لَهُ دِيَتُهَا وَدِيَةُ الْعَقْل (١) .
(١) مواهب الجليل ١ / ٢٣١ - ٢٣٢، والذخيرة ص ٢٣٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute