للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حُرِّمَتْ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ ذِكْرُ التَّارِيخِ فَأَخْبَارُ الْحَظْرِ قَاضِيَةٌ عَلَيْهَا لأَِنَّ فِيهَا ذِكْرُ الْحَظْرِ مِنَ الإِْبَاحَةِ وَأَيْضًا لَوْ تَسَاوَيَا لَكَانَ الْحَظْرُ أَوْلَى.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ الْمُتْعَةَ مَنْسُوخَةٌ بِالطَّلاَقِ وَالْعِدَّةِ وَالْمِيرَاثِ (١) وَقَال الْجَصَّاصُ: قَدْ عُلِمَ أَنَّ الْمُتْعَةَ قَدْ كَانَتْ مُبَاحَةً فِي وَقْتٍ فَلَوْ كَانَتِ الإِْبَاحَةُ بَاقِيَةً لَوَرَدَ النَّقْل بِهَا مُسْتَفِيضًا مُتَوَاتِرًا لِعُمُومِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ وَلَعَرَّفَتْهَا الْكَافَّةُ وَلَمَا اجْتَمَعَتِ الصَّحَابَةُ عَلَى تَحْرِيمِهَا لَوْ كَانَتِ الإِْبَاحَةُ بَاقِيَةً، فَلَمَّا وَجَدْنَا الصَّحَابَةَ مُنْكِرِينَ لإِِبَاحَتِهَا مُوجِبِينَ لِحَظْرِهَا مَعَ عِلْمِهِمْ بَدْيًا بِإِبَاحَتِهَا دَل ذَلِكَ عَلَى حَظْرِهَا بَعْدَ الإِْبَاحَةِ وَلاَ نَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الصَّحَابَةِ رُوِيَ عَنْهُ تَجْرِيدُ الْقَوْل فِي إِبَاحَةِ الْمُتْعَةِ غَيْرَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَدْ رَجَعَ عَنْهُ حِينَ اسْتَقَرَّ عِنْدَهُ تَحْرِيمُهَا بِتَوَاتُرِ الأَْخْبَارِ مِنْ جِهَةِ الصَّحَابَةِ وَهَذَا كَقَوْلِهِ فِي الصَّرْفِ وَإِبَاحَتِهِ الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ يَدًا بِيَدٍ فَلَمَّا اسْتَقَرَّ عِنْدَهُ تَحْرِيمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ وَتَوَاتَرَتْ عِنْدَهُ الأَْخْبَارُ فِيهِ مِنْ كُل نَاحِيَةٍ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ وَصَارَ إِلَى قَوْل الْجَمَاعَةِ فَكَذَلِكَ كَانَ سَبِيلُهُ فِي الْمُتْعَةِ.

وَيَدُل عَلَى أَنَّ الصَّحَابَةَ قَدْ عَرَفَتْ نَسْخَ


(١) أَحْكَام الْقُرْآنِ لِلْجَصَّاصِ ٢ / ١٥١ ط رَابِطَة الأَْوْقَاف الإِْسْلاَمِيَّة.