مِنْ فَوْقٍ إِلَى أَسْفَل، أَوْ طَفْرَةٍ وَهِيَ عَكْسُ النَّطَّةِ، أَوْ دُرُورِ حَيْضٍ، أَوْ حُصُول جِرَاحَةٍ، أَوْ تَعْنِيسٍ فَهِيَ بِكْرٌ حَقِيقَةً، لأَِنَّ الْبِكْرَ عِنْدَهُمُ الْمَرْأَةُ الَّتِي لَمْ تُجَامَعْ بِنِكَاحٍ وَلاَ غَيْرِهِ، كَمَا نَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الظُّهَيْرِيَّةِ، فَهِيَ وَإِنْ زَالَتْ مِنْهَا الْعُذْرَةُ - أَيِ الْجِلْدَةُ الَّتِي عَلَى الْمَحَل - فَإِنَّ بَكَارَتَهَا لَمْ تَزُل لأَِنَّهَا لَمْ تُجَامَعْ، فَهِيَ بِكْرٌ حَقِيقَةً، وَهِيَ كَذَلِكَ بِكْرٌ حُكْمًا تُزَوَّجُ كَمَا تُزَوَّجُ الأَْبْكَارُ، وَتَأْخُذُ فِي الرِّضَا وَغَيْرِهَا حُكْمَ الأَْبْكَارِ حَتَّى تَدْخُل - كَمَا قَال ابْنُ مَوْدُودٍ الْمَوْصِلِيُّ - تَحْتَ الْوَصِيَّةِ لَهُمْ بِالإِْجْمَاعِ.
وَمَنْ زَالَتْ عُذْرَتُهَا بِوَطْءٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ ثُبُوتُ النَّسَبِ، وَهُوَ الْوَطْءُ بِعَقْدٍ جَائِزٍ أَوْ فَاسِدٍ أَوْ شُبْهَةِ عَقْدٍ تُزَوَّجُ كَمَا تُزَوَّجُ الثَّيِّبُ، وَلاَ يَكْفِي فِي رِضَاهَا السُّكُوتُ.
وَإِذَا زَالَتْ عُذْرَتُهَا بِالزِّنَا فَإِنَّهَا تُزَوَّجُ كَمَا تُزَوَّجُ الأَْبْكَارُ فِي قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ، لأَِنَّهُ عِلَّةُ إِقَامَةِ السُّكُوتِ مَقَامَ النُّطْقِ فِي الْبِكْرِ الْحَيَاءُ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي حَقِّ هَذِهِ وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا حَقِيقَةً، لأَِنَّ زَوَال بَكَارَتِهَا لَمْ يَظْهَرْ لِلنَّاسِ فَيَسْتَقْبِحُونَ مِنْهَا الإِْذْنَ بِالنِّكَاحِ صَرِيحًا وَيَعُدُّونَهُ مِنْ بَابِ الْوَقَاحَةِ، وَلاَ يَزُول ذَلِكَ مَا لَمْ يُوجَدِ النِّكَاحُ أَوْ يَشْتَهِرِ الزِّنَا، وَلَوِ اشْتَرَطَ نُطْقَهَا فَإِنْ لَمْ تَنْطِقْ تَفُوتُهَا مَصْلَحَةُ النِّكَاحِ، وَإِنْ نَطَقَتْ وَالنَّاسُ يَعْرِفُونَهَا بِكْرًا تَتَضَرَّرُ بِاشْتِهَارِ الزِّنَا عَنْهَا، فَوَجَبَ أَنْ لاَ يَشْتَرِطُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute