مَعَ الْجُنُونِ وُجُودًا وَعَدَمًا، سَوَاءٌ كَانَ الْجُنُونُ أَصْلِيًّا بِأَنْ بَلَغَ مَجْنُونًا، أَوْ عَارِضًا بِأَنْ طَرَأَ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَقَال زُفَرُ: إِذَا طَرَأَ لَمْ يَجُزْ لِلْمُوَلَّى التَّزْوِيجُ، وَعَلَى أَصْل الْحَنَفِيَّةِ يَنْبَنِي أَنَّ الأَْبَ وَالْجَدَّ لاَ يَمْلِكَانِ إِنْكَاحَ الْبِكْرِ الْبَالِغَةِ بِغَيْرِ رِضَاهَا عِنْدَهُمْ.
وَقَالُوا: إِنَّ إِثْبَاتَ وِلاَيَةِ الإِْنْكَاحِ عَلَى هَؤُلاَءِ، لأَِنَّ النِّكَاحَ يَتَضَمَّنُ الْمَصَالِحَ، وَذَلِكَ يَكُونُ بَيْنَ الْمُتَكَافِئَيْنِ، وَالْكُفْءُ لاَ يَتَّفِقُ فِي كُل وَقْتٍ، فَمَسَّتِ الْحَاجَةُ إِلَى إِثْبَاتِ الْوِلاَيَةِ عَلَى الصِّغَارِ تَحْصِيلاً لِلْمَصْلَحَةِ، وَالْقَرَابَةُ مُوجِبَةٌ لِلْنَظَرِ وَالشَّفَقَةِ فَيَنْتَظِمُ الْجَمِيعُ، إِلاَّ أَنَّ شَفَقَةَ الأَْبِ وَالْجَدِّ أَكْثَرُ.
وَإِنْ كَانَ الْمُزَوِّجُ لِلصَّغِيرِ أَوِ الصَّغِيرَةِ أَبًا أَوْ جَدًّا، وَلِلْمَجْنُونِ أَوِ الْمَجْنُونَةِ ابْنَهُمَا، وَلِلرَّقِيقِ مَالِكَهُ لَزِمَ النِّكَاحُ، وَلاَ خِيَارَ لِوَاحِدٍ مِنْ هَؤُلاَءِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِمْ، وَلَوْ كَانَ النِّكَاحُ بِغَيْرِ كُفْءٍ أَوْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ، لِوُفُورِ شَفَقَةِ الأَْوْلِيَاءِ، وَشِدَّةِ حِرْصِهِمْ عَلَى نَفْعِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِمْ فَكَأَنَّهُمْ بَاشَرُوهُ بِأَنْفُسِهِمْ، وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا خَيَّرَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا حِينَ بَلَغَتْ، لَكِنَّهُ يَشْتَرِطُ فِي الأَْوْلِيَاءِ عِنْدَئِذٍ أَنْ لاَ يُعْرَفَ مِنْ أَيٍّ مِنْهُمْ سُوءُ الاِخْتِيَارِ مَجَانَةً وَفِسْقًا وَإِلاَّ فَبَطَل النِّكَاحُ.
وَإِنْ كَانَ الْمُزَوِّجُ لِوَاحِدٍ مِنْ هَؤُلاَءِ غَيْرَ مَنْ ذُكِرَ مِنَ الأَْوْلِيَاءِ، فَلِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْخِيَارُ وَإِنْ كَانَ إِنْكَاحُهُ مِنْ كُفْءٍ وَبِلاَ غَبْنٍ - إِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute