وَفَرَّقَ الشَّافِعِيَّةُ بَيْنَ كَوْنِ الْحَيَوَانِ مَأْكُول اللَّحْمِ أَوْ غَيْرَ مَأْكُوْلِهِ.
فَقَرَّرُوا أَنَّ مَالِكَ الْحَيَوَانِ مَأْكُول اللَّحْمِ إِذَا امْتَنَعَ مِنَ الإِْنْفَاقِ عَلَيْهِ لَزِمَهُ أَحَدُ أُمُورٍ ثَلاَثَةٍ: بَيْعُهُ، أَوْ عَلْفُهُ وَالإِْنْفَاقُ عَلَيْهِ، أَوْ ذَبْحُهُ؛ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ وَإِبْقَاءً لِمَلِكِهِ وَعَدَمِ إِضَاعَةِ مَالِهِ.
وَأَمَّا مَالِكُ غَيْرِ مَأْكُول اللَّحْمِ فَيَلْزَمُهُ بَيْعُهُ أَوِ الإِْنْفَاقُ عَلَيْهِ، وَلاَ يَجُوزُ لَهُ ذَبْحُهُ، لأَِنَّهُ غَيْرُ مَأْكُول اللَّحْمِ يَحْرُمُ ذَبْحُهُ.
فَإِنْ أَبَى ذَلِكَ تَصَرَّفَ الْحَاكِمُ فِيمَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً حَسَبَ مَا يَقْتَضِيهِ الْحَال نِيَابَةً عَنْهُ مِنْ إِجَارَةِ الدَّابَّةِ أَوْ بَيْعِهَا، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا فِي بَيْتِ الْمَال، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي بَيْتِ مَال الْمُسْلِمِينَ مِنَ الأَْمْوَال مَا يُنْفِقُ الْحَاكِمُ مِنْهَا عَلَيْهَا، وَجَبَ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ كِفَايَتُهَا، وَقَال الأَْذْرُعِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: وَيُشْبِهُ أَلاَّ يُبَاعَ مَا أَمْكَنَ إِجَارَتُهُ، وَحَكَى ذَلِكَ عَنْ مُقْتَضَى كَلاَمِ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ الشَّافِعِيَّةِ (١) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنِ امْتَنَعَ مَالِكُ الْبَهِيمَةِ مِنَ الإِْنْفَاقِ عَلَيْهَا أُجْبِرَ عَلَى ذَلِكَ، لأَِنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ كَمَا يُجْبَرُ عَلَى سَائِرِ الْوَاجِبَاتِ، فَإِنْ أَبَى
(١) المهذب ٢ / ١٦٩، وروضة الطالبين ٩ / ١٢٠، ومغني المحتاج ٣ / ٤٦٢ - ٤٦٣، ونهاية المحتاج ٧ / ٢٤١، ٢٤٢.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute