وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى جَوَازِ النَّظَرِ إِلَى الْوَجْهِ بِقَصْدِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ، وَإِلَيْهِ وَإِلَى غَيْرِهِ بِقَصْدِ تَحَمُّلِهَا، وَاشْتَرَطُوا لِذَلِكَ عَدَمَ قَصْدِ اللَّذَّةِ عِنْدَ النَّظَرِ (١) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَنْظُرَ مِنَ الْمَرْأَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ إِلَى مَا تَقْتَضِيهِ حَاجَةُ الْحُكْمِ، وَكَذَلِكَ الشَّاهِدُ عِنْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهَا أَوْ لَهَا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ فَقَطْ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ إِذَا دُعِيَتْ لِلشَّهَادَةِ لَهَا أَنْ تَنْظُرَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ أَيْضًا، وَلاَ يَحِل النَّظَرُ إِلَى غَيْرِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِلْحُكْمِ وَالشَّهَادَةِ، وَلاَ يَحِل إِطَالَةُ النَّظَرِ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْمَقْصُودِ، فَإِنِ اكْتَفَى بِنَظْرَةٍ وَاحِدَةٍ لَمْ تَجُزِ الثَّانِيَةُ إِلاَّ إِذَا كَانَتْ لِلتَّحَقُّقِ، بَل ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ إِذَا تَحَقَّقَ الْمَقْصُودُ بِالنَّظَرِ إِلَى بَعْضِ الْوَجْهِ لَمْ يَجُزِ الاِسْتِيعَابُ، وَأَنَّهُ إِنْ تَحَقَّقَ مِنْ فَوْقِ النِّقَابِ لَمْ يَجُزِ النَّظَرُ إِلَى مَا تَحْتَهُ، لأَِنَّ مَا جَازَ لِلضَّرُورَةِ يُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا، وَمَا زَادَ ظَل عَلَى أَصْل الْحَظْرِ.
كَذَلِكَ أَجَازَ الشَّافِعِيَّةُ - فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ - لِلشَّاهِدِ عِنْدَ تَحَمُّل الشَّهَادَةِ النَّظَرَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ إِلَى مَنْ يَشْهَدُ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ، وَتَوَسَّعُوا فِي ذَلِكَ اعْتِنَاءً بِالشَّهَادَةِ إِحْيَاءً لِلْحُقُوقِ، فَنَصُّوا عَلَى جَوَازِ النَّظَرِ لِلرِّجَال خَاصَّةً إِلَى فَرْجِ الزَّانِيَيْنِ لِتَحَمُّل شَهَادَةِ الزِّنَى، وَعَلَى جَوَازِ النَّظَرِ لِلرِّجَال
(١) الْفَوَاكِه الدَّوَانِي ٢ / ٣٦٦، وَالْبَيَان وَالتَّحْصِيل ٤ / ٣٠٥، وَالذَّخِيرَة ٤ / ١٩١.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute