الرِّجَال وَمَكْرُمَةٌ فِي حَقِّ النِّسَاءِ، وَكَذَلِكَ الْفَصْدُ وَالْحِجَامَةُ، فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ اسْتَأْذَنَتْ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحِجَامَةِ، فَأَمَرَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أَبَا طَيْبَةَ أَنْ يُحْجِمَهَا (١) ، وَمِنْ ذَلِكَ الْوِلاَدَةُ تُعْتَبَرُ حَاجَةً مُبِيحَةً لِنَظَرِ الْقَابِلَةِ إِلَى مَوْضِعِ الْفَرْجِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَرْأَةِ، لأَِنَّهُ لاَبُدَ مِنْهُ لاِسْتِقْبَال الْمَوْلُودِ، وَبِدُونِهِ يُخْشَى عَلَى الْوَلَدِ، وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا إِعْطَاءُ الْحُقْنَةِ لِلْعِلاَجِ، فَإِنَّهَا نَوْعٌ مِنَ الْمُدَاوَاةِ، فَيُبَاحُ النَّظَرُ إِلَى مَوْضِعِ الْحَقْنِ، وَلَكِنَّ الْحَنَفِيَّةَ اشْتَرَطُوا أَنْ يَكُونَ الْحَقْنُ لِعِلاَجِ مَرَضٍ، وَلَمْ يَكْتَفُوا بِمُجَرَّدِ وُجُودِ الْمَنْفَعَةِ الظَّاهِرَةِ مِنْهُ، فَنَصُّوا عَلَى عَدَمِ جَوَازِ النَّظَرِ إِلَى مَوْضِعِ الاِحْتِقَانِ إِذَا كَانَتِ الْغَايَةُ مِنْهُ مُجَرَّدَ التَّقَوِّي عَلَى الْجِمَاعِ، خِلاَفًا لِلشَّافِعِيَّةِ.
وَمِنَ الْحَاجَاتِ الْمُلْحَقَةِ بِهَذَا الْبَابِ الْقِيَامُ عَلَى خِدْمَةِ مَرِيضٍ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ كَأَقْطَعِ الْيَدَيْنِ، فَيُبَاحُ النَّظَرُ لِمُسَاعَدَتِهِ فِي قَضَاءِ حَاجَاتِهِ الشَّخْصِيَّةِ كَالْوُضُوءِ وَالاِسْتِنْجَاءِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ، وَمِنْهَا أَيْضًا الْحَاجَةُ إِلَى مَعْرِفَةِ بَكَارَةِ امْرَأَةٍ أَوْ ثُيُوبَتِهَا أَوْ بُلُوغِ رَجُلٍ، فَإِنَّ الرَّسُول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا حَكَّمَ
(١) حَدِيث: أَمَرَ أَبَا طِيبَةٍ أَنْ يُحْجِمَ أَمْ سَلَمَة. . . سَبَقَ تَخْرِيجه ف ١٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute