للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِعَوْرَةٍ يَسْتَوِي فِي حُكْمِ النَّظَرِ إِلَيْهِ الرِّجَال وَالنِّسَاءُ مَادَامَ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ، كَالثِّيَابِ وَالدَّوَابِّ، فَكَانَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَنْظُرَ مِنَ الرَّجُل مَا لَيْسَ عَوْرَةً، كَمَا لَهُ أَنْ يَنْظُرَ مِنْهَا مَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ عِنْدَ عَدَمِ الْخَوْفِ مِنَ الْفِتْنَةِ، وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِأَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَحْضُرْنَ الصَّلاَةَ مَعَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَسْجِدِ، وَلاَ بُدَّ أَنْ يَقَعَ نَظَرُهُنَّ إِلَى الرِّجَال، فَلَوْ لَمْ يَجُزْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُنَّ بِحُضُورِ الْمَسْجِدِ وَالْمُصَلَّى (١) . .

الْقَوْل الثَّانِي: أَنَّ نَظَرَ الْمَرْأَةِ إِلَى الرَّجُل الأَْجْنَبِيِّ حُكْمُهُ كَحُكْمِ نَظَرِ الرَّجُل إِلَى مَحَارِمِهِ، فَيَحِل لَهَا أَنْ تَنْظُرَ مِنَ الرَّجُل إِلَى مِثْل مَا يَحِل لَهُ أَنْ يَنْظُرَ مِنْ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ، وَيَحْرُمُ النَّظَرُ إِلَى مَا عَدَا ذَلِكَ، وَذَهَبَ إِلَى هَذَا الْقَوْل الْحَنَفِيَّةُ فِي مُقَابِل الصَّحِيحِ (وَهِيَ رِوَايَةُ الأَْصْل لِمُحَمَّدٍ، وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ، وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهٌ قَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْقَوْل، وَهُوَ أَنَّهُ يَحِل لَهَا النَّظَرُ إِلَى مَا يَبْدُو مِنْهُ فِي الْمِهْنَةِ.

وَوَجْهُ هَذَا الْقَوْل أَنَّ حُكْمَ النَّظَرِ عِنْدَ اخْتِلاَفِ


(١) الْمَبْسُوط ١٠ / ٤٨٠، وَالْهِدَايَة وَشُرُوحهَا ١٥ / ٣٣ - ٣٥ وَحَاشِيَة ابْن عَابِدِينَ ٩ / ٥٣٣ - ٥٣٤، وَالْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة ٥ / ٣٢٧، وَمَجْمَع الأَْنْهُر ٢ / ٥٣٨، ٥٣٩، وَتَبْيِين الْحَقَائِقِ ٦ / ١٨، وَنِهَايَة الْمُحْتَاجِ ٦ / ١٩٤، ١٩٥، وَرَوْضَة الطَّالِبِينَ ٧ / ٢١ وَمَا بَعْدَهَا، وَمُغْنِي الْمُحْتَاج ٣ / ١٣٠، وَزَاد الْمُحْتَاجِ ٣ / ١٧٤، ١٧٥، وَالْمُبْدِع ٧ / ١١، وَمَطَالِب أُولِي النُّهَى ٥ / ١٥، ١٦، وَالإِْنْصَاف ٨ ٢٥.