قَال: فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا (١) ، وَهَذَا نَصٌّ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِأَنَّهُمَا قَاضِيَانِ لاَ وَكِيلاَنِ وَلاَ شَاهِدَانِ، وَلِلْوَكِيل اسْمٌ فِي الشَّرِيعَةِ وَمَعْنًى، وَلِلْحَكَمِ اسْمٌ فِي الشَّرِيعَةِ وَمَعْنًى، فَإِذَا بَيَّنَ اللَّهُ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يُرَكَّبَ مَعْنَى أَحَدِهِمَا عَلَى الآْخَرِ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ - الَّذِي سَبَقَ ذِكْرُهُ فِي اسْتِدْلاَل الْحَنَفِيَّةِ - أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال لِلْحَكَمَيْنِ: " أَتَدْرِيَانِ مَا عَلَيْكُمَا؟ عَلَيْكُمَا إِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُفَرِّقَا فَرَّقْتُمَا " فَلَوْ كَانَا وَكِيلَيْنِ أَوْ شَاهِدَيْنِ لَمْ يَقُل لَهُمَا: أَتَدْرِيَانِ مَا عَلَيْكُمَا؟ إِنَّمَا كَانَ يَقُول: أَتَدْرِيَانِ بِمَا وُكِّلْتُمَا؟ .
وَلاَ يَلْزَمُ طَلاَقٌ أَوْقَعَهُ الْحَكَمَانِ بِأَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ، وَلاَ يَجُوزُ لَهُمَا إِيقَاعُ الأَْكْثَرِ ابْتِدَاءً لأَِنَّهُ خَارِجٌ عَنْ مَعْنَى الإِْصْلاَحِ الَّذِي بُعِثَا لَهُ فَلِلزَّوْجِ رَدُّ الزَّائِدِ، قَال الآْبِيُّ: وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلاَ يُفَرِّقَانِ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ وَهِيَ بَائِنَةٌ فَإِنْ حَكَمَا بِهِ سَقَطَ.
وَإِنْ طَلَّقَ أَحَدُ الْحَكَمَيْنِ وَاحِدَةً وَطَلَّقَ الآْخَرُ اثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا لَزِمَتْ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ لاِتِّفَاقِ الْحَكَمَيْنِ عَلَى الْوَاحِدِ.
وَإِنْ طَلَّقَ الْحَكَمَانِ، وَاخْتَلَفَا فِي كَوْنِ الطَّلاَقِ بِالْمَال لِلزَّوْجِ مِنَ الزَّوْجَةِ أَوْ كَوْنِهِ بِلاَ مَالٍ، بِأَنْ
(١) سُورَة النِّسَاء / ٣٥
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute