وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَكُونُ الْحَكَمَانِ مِنْ أَهْل الزَّوْجَيْنِ - حَكَمٌ مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمٌ مِنْ أَهْلِهَا - إِنْ أَمْكَنَ، لأَِنَّ الأَْقَارِبَ أَعْرَفُ بِبَوَاطِنِ الأُْمُورِ، وَأَقْعَدُ بِأَحْوَال الزَّوْجَيْنِ، وَأَطْيَبُ لِلإِْصْلاَحِ، وَنُفُوسُ الزَّوْجَيْنِ أَسْكَنُ إِلَيْهِمَا، فَيُبْرِزَانِ لَهُمَا مَا فِي ضَمَائِرِهِمَا مِنَ الْحُبِّ وَالْبُغْضِ وَإِرَادَةِ الْفُرْقَةِ أَوِ الصُّحْبَةِ، وَلاَ يَجُوزُ بَعْثُ أَجْنَبِيَّيْنِ مَعَ إِمْكَانِ الأَْهْلَيْنِ، فَإِنْ بَعَثَهُمَا مَعَ الإِْمْكَانِ فَالظَّاهِرُ نَقْضُ حُكْمِهِمَا، لأَِنَّ ظَاهِرَ الآْيَةِ أَنَّ كَوْنَهُمَا مِنْ أَهْلِهِمَا مَعَ الْوِجْدَانِ وَاجِبٌ شَرْطٌ.
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَوْنُهُمَا مَعًا مِنَ الأَْهْل، بَل وَاحِدٌ فَقَطْ مِنْ أَهْل أَحَدِهِمَا وَالآْخَرُ أَجْنَبِيٌّ فَقَال اللَّخْمِيُّ: يُضَمُّ لأَِهْل أَحَدِهِمَا أَجْنَبِيٌّ، وَقَال ابْنُ الْحَاجِبِ: يَتَعَيَّنُ كَوْنُهُمَا أَجْنَبِيَّيْنِ وَتَرْكُ الْقَرِيبِ لأَِحَدِهِمَا، قَال الدُّسُوقِيُّ: لِئَلاَّ يَمِيل الْقَرِيبُ لِقَرِيبِهِ.
وَنَدَبَ كَوْنَهُمَا جَارَيْنِ فِي بَعْثِ الأَْهْلَيْنِ إِنْ أَمْكَنَ وَالأَْجْنَبِيَّيْنِ إِنْ لَمْ يُمْكِنْ.
وَقَال الْقُرْطُبِيُّ: فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْ أَهْلِهِمَا مَنْ يَصْلُحُ لِذَلِكَ فَيُرْسِل مِنْ غَيْرِهِمَا (١) .
وَقَال الْجَصَّاصُ: إِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْحَكَمَيْنِ مِنْ أَهْلِهَا وَالآْخِرُ مِنْ أَهْلِهِ لِئَلاَّ
(١) تَفْسِير الْقُرْطُبِيّ ٥ / ١٧٥، وَالشَّرْح الْكَبِير وَحَاشِيَة الدُّسُوقِيّ ٢ / ٣٤٤.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute