وَأَمَّا إِذَا تَرَكَ سُنَّةً مِنْ سُنَنِ الصَّلاَةِ - كَجَهْرِ الإِْمَامِ بِالتَّكْبِيرِ، وَكَالاِسْتِفْتَاحِ - فَإِنَّ صَلاَتَهُ لاَ تَفْسَدُ؛ لأَِنَّ قِيَامَ الصَّلاَةِ بِأَرْكَانِهَا، وَقَدْ وُجِدَتْ، وَلاَ يُجْبَرُ بِسَجْدَتَيِ السَّهْوِ. (١)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: الْمُصَلِّي إِذَا تَرَكَ رُكْنًا مِنْ أَرْكَانِ الصَّلاَةِ - كَرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ - سَهْوًا، وَطَال بِحَيْثُ لاَ يَتَدَارَكُهُ - إِمَّا بِالْعُرْفِ وَإِمَّا بِالْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجِدِ - فَإِنَّ الصَّلاَةَ تَبْطُل، وَأَمَّا مَعَ الْعَمْدِ فَلاَ يَتَقَيَّدُ الْبُطْلاَنُ بِالطُّول. وَقَدِ اخْتَلَفَ الْمَالِكِيَّةُ فِي بُطْلاَنِ الصَّلاَةِ بِتَرْكِ السُّنَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ: فَقَال ابْنُ كِنَانَةَ: تَبْطُل الصَّلاَةُ بِتَرْكِ السُّنَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ - عَمْدًا أَوْ جَهْلاً - لِتَلاَعُبِهِ، وَقَدْ شَهَرَهُ فِي الْبَيَانِ. وَقَال مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَشَهَرَهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ: لاَ تَبْطُل الصَّلاَةُ بِتَرْكِ هَذِهِ السُّنَّةِ عَمْدًا أَوْ جَهْلاً، وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِكَوْنِ الْعِبَادَةِ قَدْ حُوفِظَ عَلَى أَرْكَانِهَا وَشُرُوطِهَا، وَلاَ سُجُودَ لِلسَّهْوِ؛ لأَِنَّ السُّجُودَ إِنَّمَا هُوَ لِلسَّهْوِ. وَكَلاَمُ خَلِيلٍ يَحْتَمِل وَحْدَةَ السُّنَّةِ، كَمَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ، وَأَمَّا إِنْ كَثُرَتِ السُّنَنُ الْمَتْرُوكَةُ فَإِنَّهَا تَبْطُل.
(١) الفتاوى الهندية ١ / ١٢٦، وانظر تبيين الحقائق ١ / ١٩٣، وبدائع الصنائع ١ / ١٦٧.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute