الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّ مَنْ نَسِيَ الْمَاءَ فِي رَحْلِهِ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى لَمْ يُعِدِ الصَّلاَةَ مُطْلَقًا، وَلَوْ أُدْرِجَ الْمَاءُ فِي رَحْلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ لَمْ يَقْطَعِ الصَّلاَةَ، وَلَمْ يَقْضِ لأَِنَّهُ عَاجِزٌ عَنِ اسْتِعْمَال الْمَاءِ؛ لأَِنَّهُ لاَ قُدْرَةَ عَلَيْهِ مَعَ النِّسْيَانِ، وَعَجْزُهُ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ وَهُوَ النِّسْيَانُ. وَكَذَلِكَ لَوْ حَصَل الْعَجْزُ بِسَبَبِ الْبُعْدِ أَوِ الْمَرَضِ أَوْ عَدَمِ الدَّلْوِ وَالرِّشَا، فَالنِّسْيَانُ جِبِلَّةٌ فِي الْبَشَرِ خُصُوصًا إِذَا مَرَّ بِهِ أَمْرٌ يَشْغَلُهُ عَمَّا وَرَاءَهُ، وَالسَّفَرُ مَحَل الْمَشَقَّاتِ وَمَكَانُ الْمَخَاوِفِ فَنِسْيَانُ الأَْشْيَاءِ فِيهِ غَيْرُ نَادِرٍ؛ وَلأَِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ الْمَاءُ حَال الصَّلاَةِ فَلاَ يَقْضِي. (١)
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا تَيَمَّمَ وَمَعَهُ مَاءٌ فِي رَحْلِهِ وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ بِهِ - وَهَذَا يَتَنَاوَل حَال النِّسْيَانِ وَغَيْرِهِ - وَلَوْ ظَنَّ أَنَّ مَاءَهُ قَدْ فَنِيَ فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ قَدْ بَقِيَ لاَ يُجْزِئُهُ؛ لأَِنَّ الْعِلْمَ لاَ يَبْطُل بِالظَّنِّ فَكَانَ الطَّلَبُ وَاجِبًا بِخِلاَفِ النِّسْيَانِ، لأَِنَّهُ مِنْ أَضْدَادِ الْعِلْمِ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَاءُ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ ظَهْرِهِ أَوْ كَانَ الْمَاءُ مُعَلَّقًا فِي عُنُقِهِ، فَنَسِيَهُ فَتَيَمَّمَ ثُمَّ تَذَكَّرَ لاَ يُجْزِئُهُ؛ لأَِنَّ النِّسْيَانَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ نَادِرٌ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمَاءُ مُعَلَّقًا عَلَى الإِْكَافِ فَلاَ يَخْلُو إِمَّا إِنْ كَانَ رَاكِبًا أَوْ سَائِقًا، فَإِنْ كَانَ رَاكِبًا وَكَانَ الْمَاءُ فِي
(١) بدائع الصنائع ١ / ٤٩، والاختيار ١ / ٢٢، والذخيرة للقرافي ١ / ٣٦٢، والقليوبي وعميرة ١ / ٨٢ - ٨٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute